صورة ابن خلدون

Ibn Khaldun

المؤرخ العربى

ابن خلدون

عدد الزيارات 4000 زيارة
السيرة الذاتية

ابن خلدون

 

ابن خلدون :

عبد الرحمن بن محمد، ابن خلدون أبو زيد، ولي الدين الحضرمي الإشبيلي (1332 - 1406م) مؤرخ من شمال أفريقيا، تونسي المولد أندلسي الأصل، كما عاش بعد تخرجه من جامعة الزيتونة في مختلف مدن شمال أفريقيا، حيث رحل إلى بسكرة وغرناطة وبجاية وتلمسان، كما تَوَجَّهَ إلى مصر، حيث أكرمه سلطانها الظاهر برقوق، ووَلِيَ فيها قضاء المالكية، وظلَّ بها ما يناهز ربع قرن (784-808هـ)، حيث تُوُفِّيَ عام 1406 عن عمر بلغ ستة وسبعين عامًا ودُفِنَ قرب باب النصر بشمال القاهرة تاركا تراثا ما زال تأثيره ممتدا حتى اليوم ويعتبر ابن خلدون مؤسس علم الاجتماع الحديث واب للتاريخ والاقتصاد .

 

حياته :

ولد ابن خلدون في تونس عام 1332 (732 للهجرة) بالدار الكائنة بنهج تربة الباي رقم 34. أسرة ابن خلدون أسرة علم وأدب، فقد حفظ القرآن الكريم في طفولته، وكان أبوه هو معلمه الأول، شغل أجداده في الأندلس وتونس مناصب سياسية ودينية مهمة وكانوا أهل جاه ونفوذ، نزح أهله من الأندلس في منتصف القرن السابع الهجري، وتوجهوا إلى تونس، وكان قدوم عائلته إلى تونس خلال حكم دولة الحفصيين. يتعقب ابن خلدون أصوله إلى حضرموت وكان اسمة العائلي الحضرمي وذكر في موسوعته كتاب العبر المعروفة باسم " تاريخ بن خلدون " أنه من سلالة الصحابي وائل بن حجر وان أجداده من حضرموت

رحل ابن خلدون بعلمه إلى مدينة بسكرة حيث تزوج هناك ، ثم توجه عام 1356 إلى فاس أين ضمه أبو عنان المريني إلى مجلسه العلمي و أستعمله ليتولى الكتابة مؤرخا لعهده و ما به من أحداث، و قدر لإبن خلدون رحيل آخر عام 1363 ميلادي إلى غرناطة و من ثم إلى إشبيلية ليعود بعد ذلك لبلاد المغرب، فوصل إلى قلعة ابن سلامة (مدينة تيارت الجزائرية حاليا) فأقام بها أربعة أعوام و شرع في تأليف كتاب العبر و أكمل كتابته بتونس ثم رفع نسخة من كتابه لسلطان تونس، ملحقا إيّاها بطلب الرحيل إلى أرض الحجاز لأداء فريضة الحج و وجد ابن خلدون سفينة تستعد للعودة إلى الإسكندرية فركبها و توجه إلى القاهرة أين قضى بقية حياته ، و تولى هناك القضاء المالكي بمصر بوصفه فقيها متميزا خاصة أنه سليل المدرسة الزيتونية العريقة وكان في طفولته قد درس بمسجد القبة الموجود قرب منزله سالف الذكر المسمى "سيد القبة". توفي ابن خلدون في القاهرة سنة 1406 م (808 هـ). ومن بين أساتذته الفقيه الزيتوني الإمام ابن عرفة حيث درس بجامع الزيتونة المعمور ومنارة العلوم بالعالم الإسلامي آنذاك.

يعتبر ابن خلدون أحد العلماء الذين تفخر بهم الحضارة الإسلامية، فهو مؤسس علم الاجتماع وأول من وضعه على أسسه الحديثة، وقد توصل إلى نظريات باهرة في هذا العلم حول قوانين العمران ونظرية العصبية، وبناء الدولة وأطوار عمارها وسقوطها. وقد سبقت آراؤه ونظرياته ما توصل إليه لاحقا بعدة قرون عدد من مشاهير العلماء كالعالم الفرنسي أوجست كونت.

عدد المؤرخون لابن خلدون عددا من المصنفات في التاريخ والحساب والمنطق غير أن من أشهر كتبه كتاب بعنوان: العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر، وهو يقع في سبعة مجلدات وأولها المقدمة وهي المشهورة أيضا بمقدمة ابن خلدون، وتشغل من هذا الكتاب ثلثه، وهي عبارة عن مدخل موسع لهذا الكتاب وفيها يتحدث ابن خلدون ويؤصل لآرائه في الجغرافيا والعمران والفلك وأحوال البشر وطبائعهم والمؤثرات التي تميز بعضهم عن الآخر.

اعتزل ابن خلدون الحياة بعد تجارب مليئة بالصراعات والحزن على وفاة أبويه وكثير من شيوخه إثر وباء الطاعون الذي انتشر في جميع أنحاء العالم سنة 749هجرية (1323 م) وتفرغ لأربعة سنوات في البحث والتنقيب في العلوم الإنسانية معتزلا الناس في سنوات عمره الأخيرة، ليكتب سفره المجيد أو ما عرف بمقدمة ابن خلدون ومؤسسا لعلم الاجتماع بناء على الاستنتاج والتحليل في قصص التاريخ وحياة الإنسان. واستطاع بتلك التجربة القاسية أن يمتلك صرامة موضوعية في البحث والتفكير.

ابتكر ابن خلدون وصاغ فلسفة للتاريخ هي بدون شك أعظم ما توصل إليه الفكر البشري في مختلف العصور والأمم. أرنولد توينبي

إن مؤلف ابن خلدون هو أحد أهم المؤلفات التي انجزها الفكر الإنساني. جورج مارسيز

ان مؤلف ابن خلدون يمثل ظهور التاريخ كعلم، وهو أروع عنصر فيما يمكن أن يسمى بالمعجزة العربية. ايف لاكوست

انك تنبئنا بأن ابن خلدون في القرن الرابع عشر كان أول من اكتشف دور العوامل الاقتصادية وعلاقات الإنتاج. ان هذا النبأ قد أحدث وقعا مثيرا وقد اهتم به صديق الطرفين (المقصود به لينين) اهتماما خاصا. من رسالة بعث بها مكسيم غوركي إلى المفكر الروسي انوتشين بتاريخ 21/ايلول سبتمبر 1912.

ففيما يتعلق بدراسة هيكل المجتمعات وتطورها فإن أكثر الوجوه يمثل تقدما يتمثل في شخص ابن خلدون العالم والفنان ورجل الحرب والفقية والفيلسوف الذي يضارع عمالقة النهضة عندنا بعبقريته العالمية منذ القرن الرابع عشر. روجية غارودي

هذا غيض من فيض مما قاله بعض أقطاب الفكر الغربيين ناهيك عن المفكرين العرب والمسلمين وفيما يلي سنحاول حصر بعض المواضيع التي تناولها ابن خلدون بالبحث دون أن ندعي أننا سنوفيها حقها وكيف نستطيع ذلك وفي كل يوم نكتشف الجديد حول هذا العالم.

 

تعليمه :

مكانة عائلته الاجتماعية مكنته من الدراسة على يد أفضل المدرسين في المغرب الكبير. تلقى علم التربية الإسلامية الكلاسيكية، ودرس القرآن الكريم الذي كان يحفظه عن ظهر قلب، واللسانيات العربية، وأساس فهم القرآن، الحديث، الشريعة (القانون) والفقه علم التاريخ.

لقد تجمعت في شخصية ابن خلدون العناصر الأساسية النظرية والعملية التي تجعل منه مؤرخا حقيقيا - رغم أنه لم يول في بداية حياته الثقافية عناية خاصة بمادة التاريخ - ذلك أنه لم يراقب الأحداث والوقائع عن بعد كبقية المؤرخين، بل ساهم إلى حد بعيد ومن موقع المسؤولية في صنع تلك الأحداث والوقائع خلال مدة طويلة من حياته العملية تجاوزت 50 عاما، وضمن بوتقة جغرافية امتدت من الأندلس وحتى بلاد الشام. فقد استطاع، ولأول مرة، (إذا استثنينا بعض المحاولات البسيطة هنا وهناك) أن يوضح أن الوقائع التاريخية لا تحدث بمحض الصدفة أو بسبب قوى خارجية مجهولة، بل هي نتيجة عوامل كامنة داخل المجتمعات الإنسانية، لذلك انطلق في دراسته للأحداث التاريخية من الحركة الباطنية الجوهرية للتاريخ. فعلم التاريخ، وان كان (لايزيد في ظاهره عن أخبار الأيام والدول) انما هو (في باطنه نظر وتحقيق وتعليل للكائنات ومبادئها دقيق وعلم بكيفيات الوقائع وأسبابها عميق، لذلك فهو أصيل في الحكمة عريق، وجدير بأن يعد في علومها وخليق(المقدمة). فهو بذلك قد اتبع منهجا في دراسة التاريخ يجعل كل أحداثه ملازمة للعمران البشري وتسير وفق قانون ثابت.

يقول: "فالقانون في تمييز الحق من الباطل في الأخبار بالإمكان والاستحالة أن ننظر في الاجتماع البشري الذي هو العمران ونميز ما يلحقه لذاته وبمقتضى طبعه وما يكون عارضا لا يعتد به وما لايمكن أن يعرض له، وإذا فعلنا ذلك، كان ذلك لنا قانونا في تمييز الحق من الباطل في الأخبار، والصدق من الكذب بوجه برهان لا مدخل للشك فيه، وحينئذ فاذا سمعنا عن شيء من الأحوال الواقعة في العمران علمنا ما نحكم بقبوله مما نحكم بتزييفه، وكان ذلك لنا معيارا صحيحا يتحرى به المؤرخون طريق الصدق والصواب فيما ينقلونه."

وهكذا فهو وان لم يكتشف مادة التاريخ فانه جعلها علما ووضع لها فلسفة ومنهجا علميا نقديا نقلاها من عالم الوصف السطحي والسرد غير المعلل إلى عالم التحليل العقلاني والأحداث المعللة بأسباب عامة منطقية ضمن ما يطلق عليه الآن بالحتمية التاريخية، وذلك ليس ضمن مجتمعه فحسب، بل في كافة المجتمعات الإنسانية وفي كل العصور، وهذا ما جعل منه أيضا وبحق أول من اقتحم ميدان ما يسمى بتاريخ الحضارات أو التاريخ المقارن. "إني أدخل الأسباب العامة في دراسة الوقائع الجزئية، وعندئذ أفهم تاريخ الجنس البشري في إطار شامل.اني ابحث عن الأسباب والأصول للحوادث السياسية. كذلك قولهداخلا من باب الأسباب على العموم على الأخبار الخصوص فاستوعب أخبار الخليقة استيعابا.وأعطي الحوادث علة أسبابا."

علم الاجتماع :
يعتبر ابن خلدون مؤسس علم الاجتماع أو علم العمران البشري. وقد ذكر في كتاب مقدمة ابن خلدون: ". وهذا هو غرض هذا الكتاب الأول من تأليفنا."، وهو علم مستقل بنفسه موضوعه العمران البشري والاجتماع، ويهدف إلى "بيان ما يلحقه من العوارض والأحوال لذاته واحدة بعد أخرى، وهذا شأن كل علم من العلوم وضعيا كان أم عقليا وأعلم أن الكلام في هذا الغرض مستحدث الصنعة غريب النزعة غزير الفائدة، أعثر عليه البحث وأدى إليه الغوص. وكأنه علم مستبط النشأة، ولعمري لم أقف على الكلام في منحاه لأحد من الخليقة.
لقد قاد المنهج التاريخي العلمي الذي اتبعه ابن خلدون إلى التوصل إلى علم الاجتماع، وهذا المنهج يرتكز على أن كل الظواهر الاجتماعية ترتبط ببعضها البعض، فكل ظاهرة لها سبب وهي في ذات الوقت سبب للظاهرة التي تليها. لذلك كان مفهوم العمران البشري عنده يشمل كل الظواهر سواء كانت سكانية أو ديمغرافية، اجتماعية، سياسية، اقتصادية أو ثقافية. فهو يقول في ذلك:"فهو خبر عن الاجتماع الإنساني الذي هو عمران العالم وما يعرض لطبيعة هذا العمران من الأحوال مثل التوحش والتأنس والعصبيات وأصناف التغلبات للبشر بعضهم على بعض، وما ينشأ عن الكسب والعلوم والصنائع وسائر ما يحدث في ذلك العمران بطبيعته من الأحوال." ويناقش أيضا نظرية التطور لدى داروين وان لم يغص فيها. ثم يأخذ في تفصيل كل تلك الظواهر مبينا أسبابها ونتائجها، مبتدئا بإيضاح أن الإنسان لا يستطيع العيش بمعزل عن أبناء جنسه حيث: "ان الاجتماع الإنساني ضروري فالإنسان مدني بالطبع أي لا بد له من الاجتماع الذي هو المدنية. وهو معنى العمران.
يناقش ابن خلدون العمران البشري بشكل عام مبينا أثر البيئة في البشر وهو مايدخل حاليا في علم الاتنولوجيا والانثروبولوجيا، ويتطرق لأنواع العمران البشري تبعا لنمط حياة البشر وأساليبهم الإنتاجية قائلا: "ان اختلاف الأجيال في أحوالهم انما هو باختلاف نحلتهم في المعاش." مبتدئا بالعمران البدوي باعتباره أسلوب الإنتاج الأولي الذي لا يرمي إلى الكثير من تحقيق ما هو ضروري للحياة: ".ان أهل البدو المنتحلون للمعاش الطبيعي. وانهم مقتصرون على الضروري الاقوات والملابس والمساكن وسائر الأحوال والعوائد."
ثم يخصص الفصل الثالث من المقدمة للدول والملك والخلافة ومراتبها وأسباب وكيفية نشوئها وسقوطها، مؤكدا أن الدعامة الأساسية للحكم تكمن في العصبية. والعصبية عنده أصبحت مقولة اجتماعية احتلت مكانة بارزة في مقدمته حتى اعتبرها العديد من المؤرخين مقولة خلدونية بحتة، وهم محقون في ذلك لأن ابن خلدون اهتم بها اهتماما بالغا إلى درجة أنه ربط كل الأحداث الهامة والتغييرات الجذرية التي تطرأ على العمران البدوي أو العمران الحضري بوجود أو فقدان العصبية. كما أنها في رأيه المحور الأساسي في حياة الدول والممالك. ويطنب ابن خلدون في شرح مقولته تلك، مبينا أن العصبية نزعة طبيعية في البشر مذ كانوا، ذلك أنها تتولد من النسب والقرابة وتتوقف درجة قوتها أو ضعفها على درجة قرب النسب أو بعده. ثم يتجاوز نطاق القرابة الضيقة المتمثلة في العائلة ويبين أن درجة النسب قد تكون في الولاء للقبيلة وهي العصبية القبلية . ومن هذا الباب الولاء والحلف إذ نصرة كل أحد من أحد على أهل ولائه وحلفه للألفة التي تلحق النفس في اهتضام جارها أو قريبها أو نسيبها بوجه من وجوه النسب، وذلك لأجل اللحمة الحاصلة من الولاء. أما إذا أصبح النسب مجهولا غامضا ولم يعد واضحا في أذهان الناس، فإن العصبية تضيع وتختفي هي أيضا. . بمعنى أن النسب إذا خرج عن الوضوح انتفت النعرة التي تحمل هذه العصبية، فلا منفعة فيه حينئذ. هذا ولا يمكن للنسب أن يختفي ويختلط في العمران البدوي، وذلك أن قساوة الحياة في البادية تجعل القبيلة تعيش حياة عزلة وتوحش، بحيث لا تطمح الأمم في الاختلاط بها ومشاركتها في طريقة عيشها النكداء، وبذلك يحافظ البدو على نقاوة أنسابهم، ومن ثم على عصبيتهم.
. الصريح من النسب انما يوجد للمتوحشين في القفر. وذلك لما اختصوا به من نكد العيش وشظف الأحوال وسوء الموطن، حملتهم عليها الضرورة التي عينت لهم تلك القسمة. فصار لهم ألفا وعادة، وربيت فيهم أجيالهم. فلا ينزع إليهم أحدا من الأمم أن يساهم في حالهم، ولا يأنس بهم أحد من الأجيال. فيؤمن عليهم لأجل ذلك منت اختلاط انسابهم وفسادها. أما إذا تطورت حياتهم وأصبحوا في رغد العيش بانضمامهم إلى الأرياف والمدن، فإن نسبهم يضيع حتما بسبب كثرة الاختلاط ويفقدون بذلك عصبيتهم. . ثم يقع الاختلاط في الحواضر مع العجم وغيرهم وفسدت الانساب بالجملة ثمرتها من العصبية فاطرحت ثم تلاشت القبائل ودثرت فدثرت العصبية مدثورها وبقي ذلك في البدو كما كان. وهكذا نخلص للقول في هذا الصدد بأن العصبية تكون في العمران البدوي وتفقد في العمران الحضري.

العصبية والسلطة في مرحلة العمران البدوي :
بعد أن تعرض ابن خلدون لمفهوم العصبية وأسباب وجودها أو فقدانها، انتقل إلى موضوع حساس وهام، مبينا دور العصبية فيه، ألا وهو موضوع "الرئاسة" الذي سيتطور في (العمران الحضري) إلى مفهوم الدولة. فأثناء مرحلة "العمران البدوي" يوجد صراع بين مختلف العصبيات على الرئاسة ضمن القبيلة الواحدة، أي ضمن العصبية العامة حيث: (.ان كل حي أو بطن من القبائل، وان كانوا عصابة واحدة لنسبهم العام، ففيهم أيضا عصبيات أخرى لأنساب خاصة هي أشد التحاما من النسب العام لهم مثل عشير واحد أو أهل بيت واحد أو أخوة بني أب واحد، لا مثل بني العم الأقربين أو الأبعدين، فهؤلاء أقعد بنسبهم المخصوص، ويشاركون من سواهم من العصائب في النسب العام، والنعرة تقع من أهل نسبهم المخصوص ومن أهل النسب العام، إلا أنها في النسب الخاص أشد لقرب اللحمة). ومن هنا ينجم التنافس بين مختلف العصبيات الخاصة على الرئاسة، تفوز فيه بطبيعة الحال العصبة الخاصة الأقوى التي تحافظ على الرئاسة إلى أن تغلبها عصبة خاصة أخرى وهكذا.(.ولما كانت الرئاسة انما تكون بالغلب، وجب أن تكون عصبة ذلك النصاب (أي أهل العصبية الخاصة) أقوى من سائر العصبيات ليقع الغلب بها وتتم الرئاسة لأهلها. فهذا هو سر اشتراط الغلب في العصبة، ومنه تعين استمرار الرئاسة في النصاب المخصوص).
يحدد ابن خلدون مدة وراثة الرئاسة ضمن العصبية القوية بأربعة أجيال على العموم، أي بحوالي 120 سنة في تقديره.(ذلك بأن باني المجد عالم بما عاناه في بنائه ومحافظ على الخلال التي هي سبب كونه وبقائه، وبعده ابن مباشر لأبيه قد سمع منه ذلك وأخذ عنه، إلا أنه مقصر في ذلك تقصير السامع بالشئ عن المعاين له ثم إذى جاء الثالث كان حظه في الاقتفاء والتقليد خاصة فقصر عن الثاني تقصير المقلد عن المجتهد ثم إذا جاء الرابع قصر عن طريقتهم جملة وأضاع الخلال الحافظة لبناء مجدهم واحتقرها وتوهم أن أمر ذلك البنيان لم يكن بمعاناة ولاتكلف، وإنما هو أمر واجب لهم منذ أول النشأة بمجرد انتسابهم وليس بعصبية. واعتبار الأربعة من الأجيال الأربعة بان ومباشر ومقلد وهادم).وبذلك ينهي ابن خلدون نظريته المتعلقة باسلطة أثناء مرحلة (العمران البدوي) ويخلص إلى نتيجة أن السلطة في تلم المرحلة مبنية أساسا على العصبية بحيث لا يمكن أن تكون لها قائمة بدونها.

العصبية والسلطة في العمران الحضري :
انطلاقا من نظريته السابقة المتعلقة بدور العصبية في الوصول إلى الرئاسة في المجتمع البدوي، واصل ابن خلدون تحليله على نفس النسق فيما يتعلق بالسلطة في المجتمع الحضري مبينا أن العصبية الخاصة بعد استيلائها على الرئاسة تطمح إلى ما هو أكثر، أي إلى فرض سيادتها على قبائل أخرى بالقوة، وعن طريق الحروب والتغلب للوصول إلى مرحلة الملك (. وهذا التغلب هو الملك، وهو أمر زائد على الرئاسة. فهو التغلب والحكم بالقهر، وصاحبالعصبية إذا بلغ رتبة طلب ما فوقها). معتمدا في تحقيق ذلك أساسا وبالدرجة الأولى على العصبية حيث أن (الغاية التي تجري إليها العصبية هي الملك). فهذه اذن المرحلة الأولى في تأسيس الملك أو الدولة، وهي مرحلة لا تتم إلا من خلال العصبية.
بالوصول إلى تلك المرحلة يبدأ (العمران الحضري) شيئا فشيئا وتصبح السلطة الجديدة تفكر في تدعيم وضعها آخذة بعين الاعتبار جميع العصبيات التابعة لها، وبذلك فانها لم تعد تعتمد على عامل النسب بل على عوامل اجتماعية وأخلاقية جديدة، يسميها ابن خلدون (الخلال). هنا تدخل الدولة في صراع مع عصبيتها، لأن وجودها أصبح يتنافي عمليا مع وجود تلك العصبية التي كانت في بداية الأمر سببا في قيامها، (يتراءى لنا مبدأ نفي النفي في المادية الجدلية<إضافة رابط المادية الجدلية ان وجد>). ومع نشوء يتخطى الملك عصبيته الخاصة، ويعتمد على مختلف العصبيات. وبذلك تتوسع قاعدة الملك ويصبح الحاكم أغنى وأقوى من ذي قبل، بفضل توسع قاعدة الضرائب من ناحية، والأموال التي التي تدرها الصناعات الحرفية التي التي تنتعش وتزدهر في مرحلة (العمران الحضري) من ناحية أخرى.
لتدعيم ملكه يلجأ إلى تعويض القوة العسكرية التي كانت تقدمها له العصبية الخاصة أو العامة(القبيلة) بإنشاء جيش من خارج عصبيته، وحتى من عناصر أجنبية عن قومه، وإلى اغراق رؤساء قبائل البادية بالأموال، وبمنح الإقطاعات كتعويض عن الامتيازات السياسية التي فقدوها. وهكذا تبلغ الدولة الجديدة قمة مجدها في تلك المرحلة، ثم تأخذ في الانحدار حيث أن المال يبدأ في النفاذ شيئا فشيئا بسبب كثرة الإنفاق على ملذات الحياة والترف والدعة. وعلى الجيوش ومختلف الموظفين الذين يعتمد عليهم الحكم. فيزيد في فرض الضرائب بشكل مجحف، الشئ الذي يؤدي إلى إضعاف المنتجين، فتتراجع الزراعة وتنقص حركة التجارة، وتقل الصناعات، وتزداد النقمة وبذلك يكون الحكم قد دخل مرحلة بداية النهاية، أي مرحلة الهرم التي ستنتهي حتما بزواله وقيام ملك جديد يمر بنفس الأطوار السابقة اغلتي يجملها ابن خلدون في خمسة أطوار. (. وحالات الدولة وأطوارها لا تعدو في الغالب خمسة أطوار.
الطور الأول طور الظفر بالبغية، وغلب المدافع والممانع، والاستيلاء على الملك وانتزاعه من أيدي الدولة السالفة قبلها.فيكون صاحب الدولة في هذا الطور أسوة بقومه في اكتساب المجد وجباية المال والمدافعة عن الحوزة والحماية لا ينفرد دونهم بشيء لأن ذلك هو مقتضى العصبية التي وقع بها الغلب، وهي لم تزل بعد بحالها.
الطور الثاني طور الاستبداد على قومه والانفراد دونهم بالملك وكبحهم عن التطاول للمساهمة والمشاركة.ويكون صاحب الدولة في هذا الطور معنيا باصطناع الرجال واتخاذ الموالي والصنائع والاستكثار من ذلك، لجدع أنوف أهل عصبيته وعشيرته المقاسمين له في نسبه، الضاربين في الملك بمثل سهمه.فهو يدافعهم عن الأمر ويصدهم عن موارده ويردهم على أعقابهم أن بخلصوا إليه حتى يقر الأمر في نصابه
الطور الثالث طور الفراغ والدعة لتحصيل ثمرات الملك مما تنزع طباع البشر إليه من تحصيل المال وتخليد الآثار وبعد الصيت، فسيتفرغ وسعه في الجباية وضبط الدخل والخرج، وإحصاء النفقات والقصد فيها، وتشييد المباني الحافلة والمصانع العظيمة، والامصار المتسعة، والهياكل المرتفعة، وإجازة الوفود من أشرف الأمم ووجوه القبائل وبث المعروف في أهله. هذا مع التوسعة على صنائعه وحاشيته في أحوالهم بالمال والجاه، واعتراض جنوده وادرار ارزاقهم وانصافهم في اعطياتهم لكل هلال، حتى يظهر أثر ذلك عليهم ذلك في ملابسهم وشكتهم وشاراتهم يوم الزينة.وهذا الطور آخر أطوار الاستبداد
الطور الرابع طور القنوع والمسالمة ويكون صاحب الدولة في هذا قانعا بما أولوه سلما لأنظاره من الملوك واقتاله مقلدا للماضين من سلفه. ويرى أن الخروج عن تقليده فساد أمره وأنهم أبصر بما بنوا من مجده.
الطور الخامس طور الإسراف والتبذير ويكون صاحب الدولة في هذا الطور متلفا لما جمع أولوه في سبيل الشهوات والملاذ والكرم على بطانته وفي مجالسه، واصطناع أخدان السوء وخضراء الدمن، وتقليدهم عظيمات الأمور التي لا يستقلون بحملها، ولايعرفون ما يأتون ويذرون منها، مستفسدا لكبار الأولياء من قومه وصنائع سلفه، حتى يضطغنوا عليه ويتخاذلوا عن نصرته، مضيعا من جنده بما أنفق من أعطياتهم في شهواتهم. وفي هذا الطور تحصل في الدولة طبيعة الهرم، ويستولي عليها المرض المزمن الذي لا تكاد تخلص منه.أي أن تنقرض).(المقدمة) واذن فان تحليل ابن خلدون بولادة ونمو وهرم الدولة هو ذو أهمية بالغة، لأنه ينطلق من دراسة الحركة الداخلية للدولة المتمثلة في العصبية، تلك المقولة الاجتماعية والسياسية التي تعتبر محور كل المقولات والمفاهيم الخلدونية. فقد اعتمد عليها اعتمادا أساسيا في دراسته الجدلية لتطور المجتمعات الإنسانية(العمران البشري) وكأنه يبشر منذ القرن الرابع عشر بما اصطلح على تسميته في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين ب (المادية الجدلية). وفي غمرة انطلاقت العلمية الرائعة الرائدة وضع إصبعة على العصب الحساس والرئيسي، وان لم يكن الوحيد في تطور (العمران البشري) ألآ وهو الاقتصاد

علم الاقتصاد :
ان النتيجة التي توصل إليها ابن خلدون في الفصل الثاني من مقدمته عند بحثه للعمران البدوي وهي:(ان اختلاف الأجيال في أحوالهم انما هو باختلاف نحلهم من المعاش) قادته بالضرورة إلى دراسة عدة مقولات اقتصادية تعتبر حجر الزاوية في علم الاقتصاد الحديث، مثل دراسة الأساليب الإنتاجية التي تعاقبت على المجتمعات البشرية، وانتقال هذه الأخيرة من البداوة إلى الحضارة، أي من الزراعة إلى الصناعة والتجارة:(.وأما الفلاحة والصناعة والتجارة فهي وجوه طبيعية للمعاش.أما الفلاحة فهي متقدمة عليها كلها بالذات.وأما الصناعة فهي ثانيها ومتأخرة عنها لأنها مركبة وعلمية تصرف فيها الأفكارو الأنظار، ولهذا لا توجد غالبا إلا في أهل الحضر الذي هو متأخر عن البدو وثان عنه).
يركز ابن خلدون على الصناعة جاعلا منها السبب الأساسي في الازدهار الحضاري:(ان الصنائع انما تكتمل بكمال العمران الحضري وكثرته. ان رسوخ الصنائع في الأمصار انما هو برسوخ الحضارة وطول أمدها). كما تناول مقولة تقسيم العمل بالتأكيد على أن(النوع الإنساني لا يتم وجوده الا بالتعاون)، لعجز الإنسان عن تلبية جميع حاجاته مهما كانت قدرته بمفرده، حيث أن (الصنائع في النوع الإنساني كثيرة بكثرة الأعمال المتداولة في العمران. فهي بحيث تشذ عن الحصر ولا يأخذها العد.(مثل) الفلاحة والبناء والخياطة والنجارة والحياكة والتوليد والوراقة والطب.) أما القيمة فهي في نظره (قيمة الأعمال البشرية):فأعلم أن ما يفيد الإنسان ويقتنيه من المتمولات ان كان من الصنائع فالمفاد المقتنى منه قيمة عمله.إذ ليس هناك الا العمل، مثل النجارة والحياكة معهما الخشب والغزل، إلا أن العمل فيهما أكثر فقيمته أكثر، وان كان من غير الصنائع فلا بد في قيمة ذلك المفاد والقنية من دخول قيمة العمل الذي حصلت به، إذ لولا العمل لم تحصل قيمتها.فقد تبين أن المفادات والمكتسبات كلها انما هي قيم الأعمال الإنسانية). ولم يغفل أيضا عن مقولة (القيمة الزائدة) وان لم يعالجها بشكل معمق عند تعرضه لصاحب الجاه:(وجميع ما شأنه ان تبذل فيه الاعواض من العمل يستعمل فيه الناس من غير عوض فتتوفر قيم تلك الأعمال عليه، فهو بين قيم للأعمال يكتسبها، وقيم أخرى تدعوه الضرورة إلى إخراجها، فتتوفر عليها، والأعمال لصاحب الجاه كبيرة، فتفيد الغني لأقرب وقت، ويزداد مع مرور الأيام يسارا وثروة). من كل ما تقدم نستطيع المجازفة والقول إن أعمال ابن خلدون وبالذات
ويرفض ابن خلدون تدخل الدولة المباشر في الإنتاج والتجارة لما يترتب عليه من أضرار اقتصادية. فهو يرى أن حاجة الدولة لتغطية نفقاتها المتزايدة تدفعها نحو هذا التدخل ولكن النتيجة حينئذ تكون بعكس القصد. يكتب ابن خلدون "اعلم أن الدولة إذا ضاقت جبايتها بما قدمناه من الترف وكثرة العوائد والنفقات وقصر الحاصل من جبايتها على الوفاء بحاجاتها ونفقاتها، واحتاجت إلى مزيد المال والجباية، فتارة توضع المكوس على بياعات الرعايا وأسواقهم كما قدمنا وتارة بالزيادة في ألقاب (معدلات؛ أسعار) المكوس إن كان قد استحدث من قبل، وتارة بمقاسمة العمال والجباة وامتكاك (امتصاص) عظامهم، لما يرون أنهم قد حصلوا على شئ طائل من أموال الجباية لا يظهره الحسبان (المحاسبون)، وتارة باستحداث التجارة والفلاحة للسلطان على تسمية الجباية (باسم الجباية)، لما يرون التجار والفلاحين يحصلون على الفوائد والغلات مع يسارة أموالهم، وأن الأرباح تكون على نسبة رؤوس الأموال. فيأخذون في اكتساب الحيوان والنبات لاستغلاله في شراء البضائع والتعرض بها لحوالة الأسواق، ويحسبون ذلك من إدرار الجباية وتكثير الفوائد. غلط عظيم وإدخال الضرر على الرعايا من وجوه متعددة". مما تقدم يبين لنا أن مقدمة ابن خلدون تعتبر أول موسوعة في العلوم الإنسانية، بل هي باكورة العمل الموسوعي العام قبل ظهور عصر الموسوعات بحوالي خمسة قرون

التطور في الخلق وتصنيف الكائنات :
يعتبر ابن خلدون من أوائل العلماء الذين أشاروا للشبه بين القردة والإنسان حيث يقول في مقدمته:"ثم انظر إلى عالم التكوين كيف ابتدأ من المعادن ثم النبات ثم الحيوان على هيئة بديعة من التدرج: آخر أفق المعادن متصل بأول أفق النبات من الحشائش وما لا بذر له؛ وآخر أفق النبات مثل النخل والكرم متصل بأول أفق الحيوان مثل الحلزون والصدف ولم يوجد لهما إلا قوة اللمس فقط. ومعنى الاتصال في هذه المكونات أن آخر أفق منها مستعد بالاستعداد القريب لأن يصير أول أفق الذي بعده، واتسع عالم الحيوان وتعددت أنواعه وانتهى في تدريج التكوين إلى الإنسان صاحب الفكر والرؤية، ترتفع إليه من عالم القردة الذي اجتمع فيه الحس والإدراك ولم ينته إلى الروية والفكر بالفعل، وكان ذلك أول أفق من الإنسان بعده، وهذا غاية شهودنا"

الفلسفة :
يرى ابن خلدون في المقدمة أن الفلسفة من العلوم التي استحدثت مع انتشار العمران، وأنها كثيرة في المدن ويعرفها قائلا: بأن قوما من عقلاء النوع الإنساني زعموا أن الوجود كله، الحسي منه وما وراء الحسي، تدرك أدواته وأحواله، بأسبابها وعللها، بالأنظار الفكرية والأقيسة العقلية وأن تصحيح العقائد الإيمانية من قبل النظر لا من جهة السمع فإنها بعض من مدارك العقل، وهؤلاء يسمون فلاسفة جمع فيلسوف، وهو باللسان اليوناني محب الحكمة. فبحثوا عن ذلك وشمروا له وحوموا على إصابة الغرض منه ووضعوا قانونا يهتدي به العقل في نظره إلى التمييز بين الحق والباطل وسموه بالمنطق. ويحذر ابن خلدون الناظرين في هذا العلم من دراسته قبل الاطلاع على العلوم الشرعية من التفسير والفقه، فيقول: ¸وليكن نظر من ينظر فيها بعد الامتلاء من الشرعيات والاطلاع على التفسير والفقه ولا يكبن أحد عليها وهو خلومن علوم الملة فقل أن يسلم لذلك من معاطبها·.
لعل ابن خلدون وابن رشد اتفقا على أن البحث في هذا العلم يستوجب الإلمام بعلوم الشرع حتى لا يضل العقل ويتوه في مجاهل الفكر المجرد لأن الشرع يرد العقل إلى البسيط لا إلى المعقد وإلى التجريب لا إلى التجريد. ومن هنا كانت نصيحة هؤلاء العلماء إلى دارسي الفلسفة أن يعرفوا الشرع والنقل قبل أن يمعنوا في التجريد العقلي.

فلسفة ابن خلدون :
امتاز ابن خلدون بسعة اطلاعه على ما كتبه القدامى على أحوال البشر وقدرته على استعراض الآراء ونقدها، ودقة الملاحظة مع حرية في التفكير وإنصاف أصحاب الآراء المخالفة لرأيه. وقد كان لخبرته في الحياة السياسية والإدارية وفي القضاء، إلى جانب أسفاره الكثيرة من موطنه الأصيل تونس وبقية بلاد شمال أفريقيا إلى بلدان أخرى مثل مصر والحجاز والشام، أثر بالغ في موضوعية وعلمية كتاباته عن التاريخ وملاحظاته.
بسبب فكر ابن خلدون الدبلوماسي الحكيم، أرسل أكثر من مرة لحل نزاعات دولية، فقد عينه السلطان محمد بن الأحمر سفيرا إلى أمير قشتالة لعقد الصلح. وبعد ذلك بأعوام، استعان أهل دمشق به لطلب الأمان من الحاكم المغولي تيمور لنك، والتقوا بالفعل.

الفكر التربوي عند ابن خلدون :
له مساهمة فعالة في علم التربية والذي لم يكن معروفا كعلم أكاديمي مستقل مثل اليوم، وقد عملت دراسات كثيرة حول فكرة التربوي، ويمكن إجمال أفكاره التربوية في التالي:
أن العلم ينقسم إلى علمين علم نقلي وعلم عقلي.
التدرج في التعليم.
البدء بالمحسوسات والتدرج حتى الملموسات.
يكون تعليم الصبي بداية بعض سور القرآن الكريم وبعض الأشعار حتى تقوى ملكة الحفظ.

الغرب وابن خلدون :
كثير من الكتاب الغربيين وصفو تقديم ابن خلدون للتاريخ بأنه أول تقديم لا ديني للتأريخ، وهو له تقدير كبير عندهم. ربما تكون ترجمة حياة ابن خلدون من أكثر ترجمات شخصيات التاريخ الإسلامي توثيقا بسبب المؤلف الذي وضعه ابن خلدون ليؤرخ لحياته وتجاربه ودعاه التعريف بابن خلدون ورحلته شرقا وغربا، تحدث ابن خلدون في هذا الكتاب عن الكثير من تفاصيل حياته المهنية في مجال السياسة والتأليف والرحلات، ولكنه لم يضمنها كثيرا تفاصيل حياته الشخصية والعائلية.
كان شمال أفريقيا أيام ابن خلدون بعد سقوط دولة الموحدين تحكمه ثلاث أسر: المغرب كان تحت سيطرة المرينيين (1196 - 1464)، غرب الجزائر كان تحت سيطرة آل عبد الودود (1236 - 1556)، تونس وشرق الجزائر وبرقة تحت سيطرة الحفصيين (1228 - 1574). التصارع بين هذه الدول الثلاثة كان على أشده للسيطرة ما أمكن من المغرب الكبير ولكن تميزت فترة الحفصيين بإشعاع ثقافي باهر. وكان المشرق العربي في أحلك الظروف آنذاك يمزقه التتار والتدهور.

وظائف تولاها :
كان ابن خلدون دبلوماسيا حكيما أيضا. وقد أرسل في أكثر من وظيفة دبلوماسية لحل النزاعات بين زعماء الدول: مثلا، عينه السلطان محمد بن الأحمر سفيرا له إلى أمير قشتالة للتوصل لعقد صلح بينهما وكان صديقا مقربا لوزيره لسان الدين ابن الخطيب.كان وزيرا لدى أبي عبد الله الحفصي سلطان بجاية، وكان مقربا من السلطان أبي عنان المرينىقبل أن يسعى بينهما الوشاة. وبعد ذلك بأعوام استعان به أهل دمشق لطلب الأمان من الحاكم المغولي القاسي تيمورلنك، وتم اللقاء بينهما. وصف ابن خلدون اللقاء في مذكراته. إذ يصف ما رآه من طباع الطاغية، ووحشيته في التعامل مع المدن التي يفتحها، ويقدم تقييما متميزا لكل ما شاهد في رسالة خطها لملك المغرب الخصال الإسلامية لشخصية ابن خلدون، أسلوبه الحكيم في التعامل مع تيمور لنك مثلا، وذكائه وكرمه، وغيرها من الصفات التي أدت في نهاية المطاف لنجاته من هذه المحنة، تجعل من التعريف عملا متميزا عن غيره من نصوص أدب المذكرات العربية والعالمية. فنحن نرى هنا الملامح الإسلامية لعالم كبير واجه المحن بصبر وشجاعة وذكاء ولباقة. ويعتبر ابن خلدون مؤسس علم الاجتماع.
ساهم في الدعوة للسلطان أبى حمو الزيانى سلطان تلمسان بين القبائل بعد سقوط بجاية في يد سلطان قسنطينة أبى العباس الحفصى وأرسل أخاه يحيى بن خلدون ليكون وزيرا لدى أبى حمو.

وفاته :
توفي في مصر عام 1406 م، ودفن في مقابر الصوفية عند باب النصر شمال القاهرة. وقبره غير معروف. والدار التي ولد بها كائنة بنهج تربة الباي عدد 34 بتونس العاصمة بالمدينة العتيقة.
له قصيدة في الحنين لموطنه تونس
أحن إلى ألفي وقد حال دونهم        مهامه فيح دونهن سباسب
ويبقى ابن خلدون اليوم شاهدا على عظمة الفكر الإسلامي المتميز بالدقة والجدية العلمية والقدرة على التجديد لاثراء الفكر الإنساني.

كتبه ومؤلفاته :
تاريخ ابن خلدون، المكتبة الوقفية للكتب المصورة واسمه: كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر في معرفة أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر.
شفاء السائل لتهذيب المسائل، نشره وعلق عليه أغناطيوس عبده اليسوعي.
مقدمة ابن خلدون
التعريف بابن خلدون ورحلاته شرقا وغربا (مذكراته).

مقولات ومنشورات لـ ابن خلدون:

حكم قصيرة:

النوع الإنساني لا يتم وجوده الا بالتعاون.
ابن خلدون
"الحق لا يقاوم سلطانه، والباطل يقذف بشهاب النظر شيطانه، والناقل إنما هو يملي وينقل، والبصيرة تنقد الصحيح إذا تمقل، والعلم يجلو لها صفحات القلوب ويصقل
ابن خلدون

المقولات الملهمة:

الماضي أشبه بالآتيَ من الماء بالماء.
ابن خلدون
السياسة المدنية هي تدبير المنزل أو المدينة بما يجب بمقتضى الأخلاق والحكمة ليحمل الجمهور على منهاج يكون فيه حفظ النوع وبقاؤه.
ابن خلدون

المقولات الفلسفية:

إن اللغة أحد وجهي الفكر، فإذا لم تكن لنا لغة تامة صحيحة، فليس يكون لنا فكر تام صحيح
ابن خلدون
""تطابق الفكر مع نفسه قد يؤدي إلى نتائج تتنافى مع الواقع لأن الصدق في الإستدلال الإستنتاجي مرهون باتساق النتائج مع المقدمات وليس مع الواقع وكل قول بالتطابق مع الواقع بعد تعسف""
ابن خلدون
أن يكرهك الناس لصراحتك، خير لك من أن يحبوك لنفاقك.
ابن خلدون
شعور الانسان بجهله ضرب من ضروب المعرفة.
ابن خلدون
إذا أردت أن تعرف الإنسان فانظر من يصاحب فالطباع يَسرق بعضها من بعض فترى أننا نأخذ من طباع بعضنا دون أن نشعر
ابن خلدون
الحق لا يقاوم سلطانه، و الباطل يقذف بشهاب النظر شيطانه، و الناقل إنما هو يملي و ينقل، و البصيرة تنقد الصحيح إذا تمقل، و العلم يجلو لها صفحات القلوب و يصقل.
ابن خلدون
فاز المتملقون.
ابن خلدون
قمة الأدب أن تنصت إلى شخص يحدثك في أمر أنت تعرفة جيداً وهو يجهله ..
ابن خلدون
الفتن التي تتخفي وراء قناع الدين تجارة رائجة جداً في عصور التراجع الفكري للمجتمعات
ابن خلدون
يوزن المرء بقوله، ويقوّم بفعله
ابن خلدون
الشعوب المقهورة تَسُوءُ أخلاقها.
ابن خلدون
كوارث الدنيا بسبب اننا نقول نعم بسرعة، ولا نقول لا ببطء.
ابن خلدون
إن الإنسان اذا طال به التهميش يصبح لا يهمه سوى الأكل والشرب والغريزة.
ابن خلدون
فساد القضاء يُفضي إلى نهاية الدولة.
ابن خلدون
عندما تنهار الدول يكثر المنجمون والأفاقون والمتفقهون والانتهازيون وتعم الاشاعة وتطول المناظرات وتقصر البصيره ويتشوش الفكر.
ابن خلدون
رُبّ قوم قد غدوا في نعمة زمناً .. والعيش ريّان غَدق .. سكت الدّهر زمان عنهم .. ثمّ أبكاهم دماً حين نطَق ..
ابن خلدون
الظلم مؤذن بخراب العمران
ابن خلدون
كان المفكرون قديماً يرون أن اكتشاف العقل للحقيقة ليس أمراً غريباً ، إنما الغريب هو عجزه عن اكتشافها.
ابن خلدون
الهرم إذا نزل بالدولة لا يرتفع
ابن خلدون
قد لا يتم وجود الخير الكثير إلا بوجود شر يسير.
ابن خلدون
إذا فسد الإنسان في قدرته ثم في أخلاقه ودينه ، فسدت إنسانيته وصار مسخاً على الحقيقة
ابن خلدون
إن التاريخ في ظاهره لا يزيد عن الإخبار، ولكن في باطنه نظر وتحقيق
ابن خلدون
أن الملك إذا ذهب عن بعض الشعوب من أمة فلا بد من عوده إلى شعب أخر منها ما دامت لهم العصبية.
ابن خلدون
المغلوب مولع دائماً بتقليد الغالب.
ابن خلدون
أهل البدو أقرب إلى الشجاعة من أهل الحضر , والسبب في ذلك أن أهل الحضر ألقوا جنوبهم على مهاد الراحة والدعة وانغمسوا في النعيم والترف ووكلوا أمرهم في المدافعة عن أموالهم وأنفسهم إلى واليهم.
ابن خلدون
إن اختلاف الأجيال في أحوالهم إنما هو باختلاف نحلتهم في المعاش
ابن خلدون
إن العرب لا يتغلبون إلا على البسائط.
ابن خلدون
إن الظلم لا يقدر عليه إلا من يقدر عليه.
ابن خلدون
‏ظلم الأفراد بعضهم بعضاً يمكن رده بالشرع؛ أما ظلم السلطان فهو أشمل وغير مقدور على رده وهو المؤذن بالخراب.
ابن خلدون
عوائد كل جيل تابعة لعوائد سلطانه.
ابن خلدون
العصبية نزعة طبيعية في البشر مذ كانوا.
ابن خلدون

نصائح:

النوع الإنساني لا يتم وجوده الا بالتعاون.
ابن خلدون

مقولات عن الحياة:

النوع الإنساني لا يتم وجوده الا بالتعاون.
ابن خلدون

مقولات عن التاريخ:

إن التاريخ في ظاهره لا يزيد عن الإخبار ولكن في باطنه نظر وتحقيق.
ابن خلدون

مقولات عن التعاون :

النوع الإنساني لا يتم وجوده الا بالتعاون.
ابن خلدون

الأخلاق:

"الحق لا يقاوم سلطانه، والباطل يقذف بشهاب النظر شيطانه، والناقل إنما هو يملي وينقل، والبصيرة تنقد الصحيح إذا تمقل، والعلم يجلو لها صفحات القلوب ويصقل
ابن خلدون

فيديوهات ابن خلدون

أشهر الفيديوهات:

مشاهير علماء :

    المزيد

    تعرّف على الفيزيائي البريطاني ( الفيزيائي البريطاني )
    فيزيائي بريطاني طور في البداية نظاما قادرا على اكتشاف العواصف وهي على بعد مئات الأميال

    روبرت وات

    روبرت وات

    الفيزيائي البريطاني
    المزيد

    تعرّف على معلم ( معلم )

    إحسان عصفور
    المزيد

    تعرّف على الفيلسوف الصيني ( الفيلسوف الصيني )
    لاو تزه أو لاو تسي فيلسوف صيني قديم وشخصية مهمة في الطاوية ولد 604 ق.م. تعني الكلمة السيد القديم وتعتبر لقب تفخيم. ومن ألقابه تايشانغ لاوجون وهو أحد الأنقياء الثلاثة في الطاوية

    لاو تزو

    لاو تزو

    الفيلسوف الصيني
    المزيد

    تعرّف على العالم الانجليزي ( العالم الانجليزي )
    هو عالم كيمائي وفيزيائي إنجليزي. وهو من المشاركين في علم المجال الكهرومغناطيسي والكهروكيميائي

    مايكل فاراداي

    مايكل فاراداي

    العالم الانجليزي
    المزيد

    تعرّف على عالم تاريخ طبيعي وجيولوجي بريطاني ( عالم تاريخ طبيعي وجيولوجي بريطاني )
    ولد في إنجلترا في 12 فبراير 1809 في شرو سبوري لعائلة إنجليزية علمية وتوفي في 19 أبريل 1882. والده هو الدكتور روبرت وارنج داروين، وكان جده "ارازموس داروين" عالما ومؤلفا بدوره.

    تشارلز داروين

    تشارلز داروين

    عالم تاريخ طبيعي وجيولوجي بريطاني
    المزيد

    تعرّف على الرحالة الايطالى ( الرحالة الايطالى )
    كريستوف كولومبوس , ولد (31 أكتوبر 1451 - 20 مايو 1506) رحالة إيطالي مشهور، ينسب إليه اكتشاف العالم الجديد (أمريكا). ولد في مدينة جنوة في إيطاليا ودرس الرياضيات والعلوم الطبيعية (وربما الفلك أيضا) في جامعة بافيا. عبر المحيط الأطلسي ووصل الجزر الكاريبية في 12 أكتوبر 1492م لكن اكتشافه لأرض القارة الأمريكية الشمالية..

    كريستوفر كولومبوس

    كريستوفر كولومبوس

    الرحالة الايطالى
    المزيد

    تعرّف على الفيلسوف العربى ( الفيلسوف العربى )
    علاّمة عربي مسلم، برع في الفلك والفلسفة والكيمياء والفيزياء والطب والرياضيات والموسيقى وعلم النفس والمنطق الذي كان يعرف بعلم الكلام، والمعروف عند الغرب باسم (باللاتينية: Alkindus)، ويعد الكندي أول الفلاسفة المتجولين المسلمين، كما اشتهر بجهوده في تعريف العرب والمسلمين بالفلسفة اليونانية القديمة..

    الكندى

    الكندى

    الفيلسوف العربى
    المزيد

    تعرّف على اعظم الاطباء ( اعظم الاطباء )
    أبو الطب وأعظم أطباء عصره، أول مدون لكتب الطب، مخلص الطب من آثار الفلسفة وظلمات الطقوس

    أبقراط

    أبقراط

    اعظم الاطباء
    المزيد

    تعرّف على العالم بالفقه و المنطق ( العالم بالفقه و المنطق )
    رجل دين إسلامي ولد في 10 ربيع الأول 661 هـ / 1263م أحد علماء المذهب الحنبلي وله مساهماته في كل من الفقه و الحديث والعقيدة وأصول الفقه والفلسفة والمنطق والفلك، كما أنّه كان بارعا في شرح الحساب والجبر .

    ابن تيمية

    ابن تيمية

    العالم بالفقه و المنطق
    المزيد

    تعرّف على عالم الرياضيات ( عالم الرياضيات )
    يعتبر من أوائل علماء الرياضيات المسلمين حيث ساهمت أعماله بدور كبير في تقدم الرياضيات في عصره

    الخوارزمي

    الخوارزمي

    عالم الرياضيات
المزيد ...

تصنيفات: