في حضورك سأتحول عنك إلى نفسي لأفكر فيك, وفي غيابك سأتحول عن الآخرين إليك لأفكر فيك .. سأتصورك عليلاً لأداويك, مصابًا لأعزيك, مطرودًا مرذولاً لأكون لك وطنًا وأهل وطن, سجينًا لأشهدك بأي تهور يجازف الإخلاص, ثم أبصرك متفوقاً فريدًا لأفاخر بك وأركن إليك .. وسأتخيل ألف ألف مرة كيف أنت تطرب, وكيف تشتاق, وكيف تحزن, وكيف تتغلب على عاديّ الانفعال برزانة وشهامة لتستسلم ببسالة وحرارة إلاّ الى الانفعال النبيل ! وسأتخيل ألف ألف مرة إلى أي درجة تستطيع أنت أن تقسو, وإلى أي درجة تستطيع أنت أن ترفق لأعرف إلى أي درجة تستطيع أنت أن تحب .. وفي أعماق نفسي يتصاعد الشكر لك بخورًا لأنك أوحيت إليّ ما عجز دونه الآخرون .. أتعلم ذلك, أنت الذي لا تعلم ? أتعلم ذلك, أنت الذي لا أريد أن تعلم ؟
دخل الطفل على والده الذي أنهكه العمل .. فمن الصباح إلى المساء وهو يتابع مشاريعه ومقاولاته
فليس عنده وقت للمكوث في البيت إلا للأكل أو النوم .
الـــطــــفـــل / لماذا يا أبي لم تعد تلعب معي وتقول لي قصة , فقد اشتقت لقصصك واللعب معكـ
فما رأيك أن تلعب معي اليوم قليلاً وتقول لي قصة ؟
الأب / يا ولدي أنا لم يعد عندي وقت للّعب وضياع الوقت , فعندي من الأعمال الشيء الكثير و وقتي ثمين .
الـــطــــفـــل / أعطني فقط ساعة من وقتك , فأنا مشتاق لك يا أبي .
الأب / يا ولدي الحبيب أنا أعمل وأكدح من أجلكم , والساعة التي تريدني أن أقضيها معكـ
أستطيع أن أكسب فيها ما لا يقل عن 100 جنيه , فليس لدي وقت لأضيعه معك , هيا اذهب والعب مع أمك
تمضي الأيام ويزداد انشغال الأب وفي إحدى الأيام يرى الطفل باب المكتب مفتوح فيدخل على أبيه .
الـــطــــفـــل / أعطني يا أبي خمسة جنيهات.
الأب /لماذا ؟ فأنا أعطيك كل يوم فسحة 5 جنيهات , ماذا تصنع بها ؟
... هيا أغرب عن وجهي , لن أعطيك الآن شيئاً .
يذهب الابن وهو حزين , ويجلس الأب يفكر في ما فعله مع أبنه , ويقرر أن يذهب إلى غرفته لكي يراضيه
ويعطيه الـخمسة جنيهات .
فرح الطفل بهذه الجنيهات فرحاً عظيماً , حيث توجه إلى سريره ورفع وسادته , وجمع النقود التي تحتها , وبدأ يرتبها !
عندها تساءل الأب في دهشة , قائلاً :
كيف تسألني وعندك كل هذه النقود ؟
الـــطــــفـــل / كنت أجمع ما تعطيني للفسحة , ولم يبق إلا خمس جنيهات لتكتمل المائة ,
والآن خذ يا أبي هذه المائة جنيه وأعطني ساعة من وقتك؟؟
مشاركات المبدعون:
- التعليقات ومناقشات المبدعون (0) :