مقال: السعادة | علم النفس

مقال: السعادة | علم النفس


قراءة منشورات في مدوّنة علم النفس ، السعادة : السعادة الفرحة البهجة الراحة الرضا الطمأنينة النجاح..

السعادة:

 
اضغط هنا للاشتراك بتطبيق كل يوم حكمة


          السعادة هي شعور بالبهجة، المصحوبة بالرضا، ويتلاشى معها الصراع الداخلي، فيشعر الفرد بالطمأنينة. وتتحقق السعادة عندما تشبع الحاجات، وتحدث التوقعات، وتغيب الصراعات. فالإنسان عندما يعاني إلحاح حاجاته، سواء الأولية أو الثانوية، يقلّ شعوره بالرضا على قدر شعوره بالحاجة، وينشب داخله صراع الاحتياج، مع إحباط الواقع وتأجيله للإشباع. وعندما تخيب توقعات الإنسان، يشعر بالفشل وعدم السيطرة الداخلية على الأمور، ومن ثم، بالإحباط وغياب السعادة.          ويحدث ذلك كثيراً لمن يبالغون في توقعاتهم، فعندما ترتفع الطموحات، وتحلّق بعيداً عن الواقع، وتبنى عليها التوقعات، تصبح هناك فجوة واسعة بين التوقعات والإمكانات الواقعية المتاحة، لا يمكن اجتيازها. وقد يلجأ الإنسان، في مثل تلك الظروف، إلى الخيال ليحقق طموحاته، في ما يعرف بأحلام اليقظة، التي تحقق له سعادة زائفة، كما يلجأ المدمن إلى المخدرات، هروباً من الواقع، وبحثاً عن سعادة زائفة مؤقتة، لا تلبث أن تزول بزوال مفعول المخدر. وأما غياب الصراعات، فهي حالة من الهدوء الداخلي، الناتج من توافق الرغبات، وتلاؤمها مع جهاز القِيم داخل الإنسان، ومحاذير الواقع الخارجي، فيكون راغباً في ما هو مقبول داخلياً، ومباح خارجياً.          والسعادة بصورتها هذه، لا يمكن أن تكون حالة دائمة، طوال الوقت. فالإنسان المتفاعل مع الحياة، المشارك فيها، إيجابياً، لا يحقق الرضا الدائم، أو غياب الصراع الداخلي، طوال الوقت. ومن ثَم، فلن يكون الشعور بالبهجة والطمأنينة شعوراً دائماً. وهذه طبيعة الحياة، وطبيعة الإنسان، الذي يحياها، والذي تتجدد حاجاته، ولكل حاجة إحباطاتها. كما أن تفكيره ومزاجه يتغيران من لحظة إلى أخرى، كما تتغير كيمياء جسمه وعقله، فالثبات الدائم، هو سكون الموتى. لذا، فإن السعادة الأبدية، لا يمكن الوصول إليها إلا في الجنة، والتي لن تكون إلا بعد الموت، وغياب كل مظاهر الحياة، بما فيها من تغيرات لانهائية.          ويبرز هنا سؤال: أهناك عوامل تؤثر في السعادة؟ وما مقدارها؟ وهل تجعل هذه العوامل أو المقومات الإنسان سعيداً، عندما تتوافر له؟والإجابة عن ذلك بالإيجاب، أي أن هناك عوامل ترتبط بالسعادة، وهي:1. السن لا شك أن الطفل يسهل إسعاده عن الكبير، خاصة إذا تهيأت الأم الحسنة، مع الجو الأُسَري، الذي تسوده المودة والرحمة والحوار والتفاهم؛ إذ إن مداعبة أفراد الأسرة له، واهتمامهم به، يجعلانه سعيداً، خاصة أنه ليس عليه مسؤوليات أو واجبات تثقل كاهله. وعندما يكبر يتحمل المسؤوليات تدريجياً، ويتعرض لإحباطات الواقع، فتقل سعادته. ومن هنا، كانت الطفولة أكثر ارتباطاً بالسعادة، وكثيراً ما شبه السعيد بالطفل.ومع ذلك، فلكل مرحلة من مراحل حياة الإنسان، ما يمكن أن يجعلها سعيدة، فمثلاً، يمكن الشاب الذي يدرس في الجامعة، أن يكون سعيداً بما يقوم به من أنشطة وصداقات وعلاقات عاطفية ونجاح دراسي. ولكن كل ذلك يتطلب تحملاً للمسؤولية، وبذلاً للجهد، وسيطرة على النفس لتحقيقه. فالنجاح الدراسي، يستلزم مثابرة ومذاكرة لتحصيل العلم، مع تأجيل حاجات أخرى، والنجاح الدراسي مهم بالنسبة إليه، لأنه لو كان فاشلاً، لتغيرت نظرة زملائه، إليه، علاوة على موقف أسرته. وليست المسؤوليات، التي ترتبط بكبر الشخص، وتجاوز مرحلة الطفولة، هي المكدر لصفو السعادة دائماً، فأحياناً تكون السعادة في استمرار أداء الدور وتحمّل المسؤولية والقيام بعمل ما. وهذا ما نلاحظه، من التعاسة والمرارة، التي يشعر بها من يحالون إلى التقاعد والفراغ من مهام يقومون بها.2. الجنس: هل ترتبط السعادة بالجنس (النوع)؟ لا ترتبط السعادة بجنس الذكور أو بجنس الإناث، ولكن، تدخل اعتبارات أخرى، قد ترتبط بالجنس، في بعض الحالات. فمثلاً، عندما يكون لدى الأسرة عدد من الأبناء الإناث وترغب في ولد ذكر، وتنتظره بفارغ الصبر، فإنها تسعد به عندما يولد، وتعطيه من الاهتمام ما يجعله طفلاً سعيداً، والشيء نفسه يحدث عندما يكون لدى الأسرة عدد من الأطفال الذكور، وترغب في بنت. ومن ثَمّ، فإن الجنس، لا يرتبط بالسعادة. ولكن زيادة نسبة اضطرابات الوجدان لدى الإناث، يقابلها زيادة اضطرابات الإدمان واضطرابات الشخصية لدى الذكور، إضافة إلى أن المميزات الاجتماعية للمرأة، أقل من الرجل، بوجه عام، ودورها يرتبط بالكثير من الضغوط، التي قد تقلل من الشعور بالسعادة، وهي أكثر تأثراً بالأحداث الضاغطة، لسماتها الشخصية، من الحساسية الشديدة، وضعف آليات التكيف. وهذه كلها تعود إلى التنشئة الاجتماعية والظروف الحياتية، أكثر من ارتباطها بجنس المرأة في حد ذاته.3. المهنة وترتبط المهنة، بوجه عام، بالسعادة، إذ إنها توفر للإنسان دوراً يؤديه، فيشعر، من خلاله، بأهميته، وبحاجة الآخرين إلى عمله، فيسعد به، وبما يحققه من رضاء الآخرين عن أدائه لهذا الدور.والمهنة التي تتيح لصاحبها فرصة التنوع في الأداء، تحقق له سعادة أكثر، إذ تجنبه الشعور بالتكرار، الذي قد يوصل إلى الشعور بالملل والرتابة. وكذلك المهنة، التي تكون هواية للشخص، تصبح أكثر إمتاعاً له، وباعثة على سعادته، مثل من يهوى قيادة السيارات، ويعمل سائقاً؛ ومن يهوى الشرح والتوضيح، ويعمل مدرساً؛ ومن يهوى الألغاز البوليسية، ويعمل ضابط شرطة؛ ومن يهوى كرة القدم، ويعمل في مجالها؛ فإن كل هؤلاء سيسعدون بأدائهم لأعمالهم. ومن هنا، يمكن أن نقول (طوبى لمن كانت مهنته هوايته). وترتبط المهنة بالسعادة عندما توفر لصاحبها مكانة اجتماعية مرموقة، إذ يزيد تقديره لذاته، وترتفع معنوياته.ولا شك أن عدم وجود مهنة للإنسان يؤديها، يحبط معنوياته، ويشعره بالملل وعدم القيمة؛ فالمهنة، إضافة إلى أنها مصدر للرزق، تتيح للإنسان فرصة لعلاقات اجتماعية خارج نطاق الأسرة، وتنظم وقت الإنسان، وهي مخرج لطاقته، وهي، كذلك، دور ومكانة في الحياة الصاخبة الحركة، والتي لا مكان فيها للسكون.وخير مثال على ذلك تلك السيدة، التي باغتها الاكتئاب، بشدة، حين كرهت الحياة، وبحثت عن الموت في الامتناع عن الأكل وعن الكلام، وفقْد الاهتمام بكل مباهج الحياة، واضطرب نومها، مع الشعور بالملل والكآبة المسيطر عليها طول الوقت. وكان سبب ذلك، هو إحالتها إلى التقاعد بعد بلوغها سن الستين، فقد كانت طوال حياتها شعلة من النشاط، سواء في عملها، أو في بيتها. وفي الوقت الذي فقدت فيه عملها، بالخروج إلى التقاعد، كان أبناؤها قد كبروا وتزوجوا وتركوا لها البيت إلى حياتهم المستقلة، فكان التقاعد مرتبطاً بعدم القِيمة، وغياب الدور، والشعور بالوحدة، والذي كان متحققاً من خلال عملها.وكذا ذلك اللواء، الذي أحيل إلى التقاعد منذ سنوات، وحضرت زوجته تشكو وتبكي من عصبيته، وسوء معاملته لها هي وأولادهما، إذ يتدخل في كل صغيرة وكبيرة، سواء في المطبخ، أو في شؤون البيت أو الأولاد، وينفعل ويثور لأتفه الأسباب، ويكسر الأشياء التي تصل إليها يده في لحظة الانفعال، وكثيراً ما يضرب من يحاول مناقشته، سواء الزوجة أو الأبناء. وقررت الزوجة أن هذا يحدث منذ إحالته إلى التقاعد. وعندما جلست إليه، على انفراد، بكى من فرط حزنه وشعوره بالملل والكآبة والإحساس بعدم القيمة، وشكى الفراغ القاتل الذي يشعر به، والطاقة الزائدة التي لا يجد لها مخرجاً، فقد كان نشيطاً جداً في عمله ومحباً له، وبعد ما هدأ، وأخذ يفكر في حلول، بمساعدتي، طلب مني أن أجد له عملاً ولو بدون أجر، ليقضي فيه وقته، ويخرج فيه طاقته. ومن هنا تتضح أهمية المهنة والدور الوظيفي للإنسان في تحقيق السعادة.4. التعليم يُعَدّ التعليم، في حد ذاته، معاناة لمن يتعلمون، بهدف الحصول على الشهادة، إذ تكون المادة الدراسية واجباً ثقيلاً، يسعى الشخص إلى إنهائه، من دون استمتاع بالمادة العلمية، وهذا الشخص تكون سعادته في الحصول على الشهادة فقط، وهو، غالباً، لا يستفيد من دراسته، بعد ذلك. لأنه كان يذاكر من أجل الامتحان فقط. وينسى الكثير مما تعلمه بعد الحصول على الشهادة.أما من لا تتوقف العملية التعليمية لديهم، بحصولهم على الشهادة، فيستمرون مستمتعين بتعلم الجديد، مهما كانت أعمارهم. وهنا، يكون التعليم مصدراً متجدداً للسعادة، سواء كان من خلال القراءة أو الاستماع أو المشاهدة، أو أيّاً كانت وسائل تحصيله. ولذا، فإن هذه الفئة المحبة للعلم، تحقق كثيراً من السعادة لنفسها باستمرار التعلم، إضافة إلى أن الشخص الذي يملك ناصية العلم، تكون له رؤية متسعة للأمور، ولديه قدرة على التكيف مع المشكلات وإيجاد الحلول لها، كما أن رؤيته لذاته، تكون إيجابية، فيزيد من اعتباره لذاته، وهذه كلها متغيرات تعمل في اتجاه السعادة.5. المساندة الاجتماعية ويقصد بها الدعم الذي توفره شبكة العلاقات الاجتماعية للفرد، سواء كانت تلك العلاقات في صورة زواج، أو علاقات قرابة في نطاق أسرة نووية (صغيرة)، أو أسرة ممتدة، أو علاقات صداقة أو جوار. ولا شك أن الإنسان كائن اجتماعي، لا يمكنه أن يعيش بمعزل عن الآخرين، فوجودهم يشعره بوجوده، بل يعطيه الشعور بالأمان والاطمئنان إلى أن هناك آخرين، سوف يخفّون إلى نجدته، إذا أصابه مكروه. وعندما يقع المكروه، فإن مشاطرتهم إياه مشاعره، تخفف عنه عبئاً كبيراً منه، بل إن المساندة الاجتماعية تساعده على الخروج من الكارثة، وهو أكثر ثقة بالآخرين، واطمئناناً لهم.وتُعَدّ المساندة الاجتماعية نوعاً من التأمين الاجتماعي، ضد خطوب الحياة وأحداثها المؤلمة. وهي، في الوقت نفسه، مبعث للسعادة. فعندما يكون الإنسان فرحاً وسعيداً، ويشرك معه الآخرين، فإن شعوره بالسعادة يزداد بسعادة الآخرين معه، وإذا شارك الآخرين سعادتهم، فإنه سيسعد لسعادتهم، فالسعادة تعدي وتنتقل من السعيد إلى غيره، ومن هنا قيل (من جاور السعيد يسعد).ومن بين المساندة الاجتماعية، علاقة الزواج، وهي، إلى جانب ما توفره من دعم معنوي، تعطي متعة حسية من خلال العلاقة الجسدية، تحقق للإنسان السعادة، بل يكون من ثمرتها الأولاد، الذين يسعد بهم الآباء، ويجدون فيهم قرة أعين لهم، ويسعدون بأن يكون من بين أهدافهم إعداد هؤلاء الأولاد لحمل مسؤولية المستقبل. وهكذا يوفر الزواج متعة ودعماً وأملاً للمستقبل، وهو الأولاد، وكلها مكونات للسعادة.وتُعَدّ الصداقة إحدى العلاقات الاجتماعية، التي تعطي دعماً ومساندة، نفسية واجتماعية، لأطرافها، وتحقق لهم سعادة من خلال الاهتمامات المشتركة، والهوايات، والاندماج فيها معاً، كما تحقق الصداقة، في مختلف الأعمار، شعوراً بالقبول الاجتماعي، ويشعر، من خلالها، أنه محل ثقة واحترام الآخرين، وهذا يحسن من صورة الذات لديه، ويحقق له السعادة، كذلك.ولا شك أن الأصدقاء يرتبط بعضهم ببعض بذكريات، سواء ذكريات أيام كانت مضنية، تقاسموها معاً، فخفت وطأتها عليهم، أو أيام كانت سعيدة، تشاركوا فيها، فازدادت سعادتهم، وفي كلتا الحالتين، يجمعهم شيء واحد، إنهم يسعدون بتناول تلك الذكريات معاً. وبفعل التشريط، أي ارتباط شخص ما بمواقف السرور والسعادة، يمكن أن نسر ونسعد ليس للموقف، بقدر ما نسعد لِمَا بعث داخلنا ارتباط شرطي، وهذا هو ما يجعل الكثيرين من الجمهور يضحكون ملء أشداقهم لمجرد أن يشاهدوا ممثلاً كوميدياً، اعتادوا أن يضحكوا ويسروا عن أنفسهم بمشاهدة أعماله، من دون النظـر إلى ما يقدمه هذا الممثل في الموقف الجديد.ومن أهم ما يعكر صفو السعادة لدى الإنسان، شعوره بالوحدة والعزلة، فكما قيل (جنة من غير ناس ما تنداس)، ولذا، فإن من يفعل ذنباً من المساجين يعزل في حبس انفرادي ( زنزانة انفرادية) كنوع من التعذيب له، وحين يُعفى عنه، يعود إلى مخالطة زملائه من السجناء.6. الطبقة الاجتماعية لا شك أن من ينتمون إلى الطبقة الاجتماعية العليا، يستطيعون إشباع الكثير من حاجاتهم. ومن ثم، فهم أقدر على تحقيق السعادة أكثر من غيرهم من أبناء الطبقات الأدنى. كما أنهم يشعرون بتقدير الذات أكثر، وتكون لديهم القدرة على الاستمتاع بوقت الفراغ أكثر من غيرهم. وتقل إحباطاتهم. وكل هذا يحقق لهم قدراً أعلى من السعادة. وقد تكون السعادة في الطبقة الدنيا أعلى منها في الطبقة المتوسطة، بشرائحها المختلفة، إذ إن الطبقة المتوسطة تعيش صراعاً في تطلعها إلى الطبقة الأعلى ورغبة الوصول إليها، إضافة إلى الخوف من الانحدار إلى مستوى الطبقة الدنيا. ولذا، فإنها أكثر الطبقات معاناة، ومن ثَم أقلها سعادة. كما أنها، أي الطبقة الاجتماعية المتوسطة، غالباً ما تكون هي الطبقة المحافظة على قِيم المجتمع وأخلاقياته. ومن ثَم فإنها تتحمل معاناة أخرى، إلى جانب الصراع، الذي تعيشه وهذا يزيد من مسؤوليتها، ويقلل من سعادتها.7. سمات الشخصية هناك سمات للشخصية ترتبط بالسعادة أكثر من غيرها، فمثلاً، الشخصية الانبساطية أكثر شعوراً بالسعادة ومعايشة لها من الشخصية الانطوائية. والشخصية الانبساطية، هي الشخصية المنطلقة، التي يميل صاحبها إلى تعدد الصداقات، وسهولة الارتباط بالآخرين. وكثرة النشاط والحركة متفاوتة في الشخصية الانطوائية التي تقل حركة صاحبها، إذ يفكر أكثر، ويميل إلى العزلة أكثر من الاختلاط بالآخرين. وتقل علاقاته وإخراج طاقاته والاستمتاع بوقت فراغه.وهناك السمة المزاجية في الشخصية، والتي تميزها كمزاج دائم، إذ إن هناك أشخاصاً معروفين بالمزاج المرح. وهناك آخرون معروفون بالمزاج الكدر (النكدي). وهناك من يكون مزاجهم المميز قلقاً أو متناوباً بين المرح والكدر. ولا شك أن المرحى، مزاجاً، أكثر سعادة، شعوراً أو تعبيراً، من غيرهم من أصحاب الأمزجة الأخرى. ومصداق ذلك شكوى سيدة، أن زوجها النكدي، الذي كدر عليها حياتها، وأصابها بالاكتئاب، وتصفه بأنه معروف عنه ذلك، منذ أن كان طفلاً، إذ إنها عندما شكت إلى أمه، أكدت لها أن هذا طبعه، وأنه نكدي، لا يحب السرور، وفي أشد اللحظات سروراً، يبحث عما يكدره، وهذا منذ أن كان طفلاً، ومثل هؤلاء الأشخاص يصعب تغييرهم، لأن السمة المزاجية الكدرة لديهم ليست مرضاً، ولكنها جزء من تكون الشخصية.8. المرض النفسي هناك مرض نفسي، يكون الشعور بالسعادة جزءاً منه، وهو مرض الهوس، إذ يشعر المريض بالسرور الشديد، مع تضخم الذات، وينسب إلى نفسه قدرات، ليست حقيقية، مثل أنه أعظم من يحل مشكلات العالم، الاقتصادية والمرورية والسكانية وغيرها. ولا يكون لديه ميل إلى النوم، ويكون كثير النشاط والحركة والكلام في كل الأمور. وهذا المريض غير مستبصر ما لديه من اضطراب، وهو مزعج للمحيطين به، ويرفض العلاج، لأنه يعود به إلى حالته الطبيعية، ويحرمه حالة السعادة المرَضية التي يعيشها. وفي المقابل، هناك مرض الاكتئاب، الذي يكره فيه الشخص نفسه ويلومها، ويشعر بالضيق والكآبة والملل، وقد ينتحر ليخلص نفسه من تلك المشاعر المؤلمة.كذلك هناك أمراض نفسية عديدة، تولد معاناة تحرم الإنسان المريض أي شعور بالسعادة، مثل القلق والوسواس وغيرهما من الأمراض، التي يكون المريض فيها مستبصراً حالته المَرضية ويود علاجاً لها.9. البيئة التي يعيش فيها الشخص أهي بيئة مدينة، يغلفها التلوث، بشتى صوره، الهوائي والضوضائي والزحامي؟ أم هي بيئة ريفية، يغلب عليها النقاء، وتكسوها الخضرة، ويظهر فيها الماء ويلفها الهدوء؟ لا شك أن البيئة الريفية الهادئة، تحقق استرخاءً داخلياً أكثر، وهي أقرب إلى السعادة من التوتر، الذي تولده بيئة المدينة الصاخبة. ولذلك، يهرب سكان المدن إلى المنتجعات والمزارع، طلباً للهدوء، وتحقيقاً لقدر من السعادة.كما أن البيئة التي تظهر فيها الشمس، وتكون درجة الحرارة فيها معتدلة، تبعث على السعادة أكثر من البيئة الملبدة بالغيوم طوال الوقت، أو التي تزيد حرارتها ورطوبتها إلى درجة، يصعب احتمالها. والبشر يتفاعلون مع حرارة الكون ورطوبته، دفئه وبرودته، ويكون لكل من تلك التقلبات معانٍ في داخلهم، تحرك انفعالات معينة، تفرز هرمونات معينة، تجعلهم يعيشون نعيش تغيرات على المستوى، البيولوجي والنفسي، وكذلك الاجتماعي، ليسوا بمعزل عن الآخرين، كذلك.وهكذا، فإن مفهوم السعادة معقد، ويصعب تحقيقه، وهي خبرة داخلية يجهد الناس في البحث عنها، ولكنها لا تكتمل إلا في الجنة، التي لا تكون إلا بعد الموت.
حكمة اليوم:

فيديوهات

أشهر الفيديوهات:

علم النفس:

المزيد ...

مدوّنات الجانب الشخصي:

المزيد ...

مقالات و مدوّنات أخرى: