مقال: اللـغة Language  | معلومات مفيدة

مقال: اللـغة Language | معلومات مفيدة


قراءة منشورات في مدوّنة معلومات مفيدة ، اللـغة Language : اللـغة التعبير اللغوي التواصل غير اللفظي اضطراب التعبير اللغوي ..

اللـغة Language :

 

 

          وهي التعبير اللفظي، الذي يعبّر به الإنسان، سواء بالنطق أو الكتابة. ويُعَدّ التعبير اللغوي أكثر رُقيّاً من التعبير بالحركة (التعبير غير اللفظي). واللغة وظيفة مكتسبة، لها أساس حركي وآخر حسّي. والتوافق بينهما، يخرج الكلام سويّاً، الذي هو اللغة المنطوقة. وإذا كانت اللغة المنطوقة هي أداة التواصل اللفظي بين البَشر، فإن هناك لغة غير منطوقة، للتواصل غير اللفظي، وهي لغة الحركة والجسد، في صورة الإيماءات وتعبيرات الوجه، التي قد تكون مصاحبة للألفاظ، وقد تكون منفصلة، في أحيان أخرى. وعلى خلاف ما يتوقع الكثيرون، يشكل التواصل غير اللفظي حوالي 80% من تواصل البَشر. بينما يشكل التواصل اللفظي 20% فقط. ويتضح ذلك من خلال الأمثلة الآتية:

 

عندما يطلب منك شخص شيئاً ما، وتجيبه بقولك حاضر، يختلف عما تجيبه بكلمة حاضر ماداً إياها، في لهجة متوعّدة، وممسكاً بأسفل ذقنك. فإن الرسالة، التي ستنقل إليه هي التهديد، وهذا يختلف عن الرد السلس الأول، والسبب هو ما صاحبه من تواصل غير لفظي.

عندما يكون شخص في مركب وسط الماء، وتحيّيه، فيناديك مع رد التحية بكلمة (تفضل)، فإنك تفهم أنه لا يعني ما يقول. ومن هنا، أطلق عليها (عزومة مراكبية).

عندما تداعب الأم طفلتها، التي تبلغ من العمر عامين، وتدغدغها، وهي مبتسمة قائلة: (غبية)، فإن البنت تضحك، لأنها تتجاهل اللفظ، وتتفاعل مع ما يصاحبه من تواصل غير لفظي.

          ومن هذه الأمثلة، وكثيرٌ غيرها، توصّل الدارسون إلى أن "التواصل غير اللفظي" Non-Verbal Communication أكثر قِيمة، في تعاملنا اليومي، وإن كانت اللغة (أي الألفاظ) هي التواصل الأوحد في عملية الكتابة.          

 

          والألفاظ الواضحة الدلالة، والجُمل ذات المعاني، المتفق عليها بين أفراد المجتمع، هي اللغة. بينما إخراج الحروف، من دون النظر إلى معناها، يعني الكلام. والأساس الحركي للكلام، يتكون من الحنجرة والبلعوم والفم واللسان واليد، وما يتحكم فيها من مراكز عليا، وهي منطقة التلفيف الجبهي الثالث، التي تقع عند التقاء الفص الصدغي الفص الخلفي من قشرة المخ، في نصيف كرة المخ السائد، وتسمى منطقة بروكا( Broca's area) ، نسبة إلى الجراح، الذي اكتشفها وقشرة المخ الحركية. وليست هذه المراكز هي المسؤولة فقط عن سلامة وظيفة الكلام، ولكن يلزم توافق بين الفصوص الأربعة لقشرة المخ (الفص الأمامي والفص الخلفي والفص الصدغي والفص الجداري)، إضافة إلى سلامة الارتباط بين نصفَي كرة المخ  (الأيمن والأيسر).

 

          أما الأساس الحسي، فيتكون من المناطق الحسية في قشرة المخ، والمرتبطة بالفهْم والإدراك واختزان المعلومات. ويأتي الكلام كناتج لعملية التفكير، مستخدماً الألفاظ، التي ترمز إلى مفاهيم، تم إدراكها واختزانها في الذاكرة.

 

          ولقد نتج من وظيفة الكلام، تكوّن لغات البَشر المختلفة. واللغة هي مفردات (كلمات)، يتكون كل منها من أصوات أساسية، أو ما يسمى بالوحدات الصوتية. وتتركب هذه الكلمات معاً في جُمل، عبْر عملية القواعد.

 

          وكما أن اللغة نتاج وانعكاس للتفكير، فإن للغة دوراً مهماً في عملية التفكير. فالمعاني أو المفاهيم، التي يكتسبها الإنسان، لا بد أن يرمز إليها برموز، تمكّنه من استخدامها في التفكير، والتعبير عنها. والرموز هي الكلمات أو الأعداد أو العلامات، وتصبح هذه الرموز قوالب، تصبّ فيها المعاني، حتى يمكِن الاحتفاظ بها، ثم الإفادة منها. فالمعاني تظل حائرة في الذهن، حتى تستقر في رموز ملائمة، فتثبت، وتتبلور، ويسهل تذكّرها واستخدامها في التفكير. فمن دون اللغة، يستحيل علينا الاحتفاظ بالمعاني، أو توصيل هذه المعاني إلى الآخرين . 

 

          وقد تختل اللغة (التواصل اللفظي) Verbal Communication في أي من الصور الآتية:

 

          1. اضطراب التعبير اللغوي: ويتميز هذا الاضطراب بالإعاقة الملحوظة في نمو التعبير اللغوي، التي لا يمكِن أن يفسرها التخلف العقلي، ولا يرجع سببها إلى اضطراب تشوّه النمو أو إعاقة سمعية أو مرض عصبي.

 

          وتتفاوت صورة هذا الاضطراب الإكلينيكية، طبقاً لسن الطفل، وشدة الاضطراب، ومستوى نمو الوظائف الأخرى، غير اللغوية. وأهم ملامحه هي قِلة حجم الكلمات، وصعوبة اكتساب كلمات جديدة، والخطأ في استعمال الكلمات (مثل الإبدال أو التعميم الزائد أو الرطانة بلغة مضطربة، غير مفهومة)، وقِصر الجُمل واختلال في التراكيب النحوية والاختصارات المخلة بالجُمل، مع ترتيب غير معهود للكلمة، وبطء معدل نمو اللغة (في صورة تأخر بداية الكلام، والتقدم ببطء، خلال مراحل نمو اللغة). ويصاحبه اضطراب نطق الكلام، وقد توجد مشاكل دراسية، مع تأخر علامات النمو الحركي، واضطراب التحكم الحركي، والتبول، ومشكلات انفعالية، والانسحاب الاجتماعي، وقد توجد مشكلات سلوكية، أحياناً.

 

          ويبدأ ظهور الأشكال الشديدة للاضطراب، قبل سن الثالثة، واكتشافها سهل. أمّا الأشكال الأقل شدة، فربما لا تظهر حتى بداية المراهقة، حين يصبح التعبير اللغوي أكثر تعقيداً. و في الحالات الخفيفة، يتحسن (50%)، تلقائياً، قبْل الوصول إلى سن المدرسة الابتدائية. أمّا الحـالات الأكثـر شدة، فيتم شفاؤها ببطء. ولكن أغلب الأطفال، المصابين بهذا الاضطـراب، لا تحدث لهم مضاعفات من قبيل اضطراب نمو فهْم اللغة، ويكتسبون قدرات لغوية طبيعية، في نهاية المراهقة. والمضاعفات، التي تحدث غالباً، انفعالية تشمل ضعف صورة الشخص عن نفسه، والإحباط، وقد يصاب بالاكتئاب في سن المدرسة الابتدائية.

 

          ويراوح معدل انتشار اضطراب التعبير اللغوي بين (3%) و(10%) من الأطفال في سن المدرسة الابتدائية. وهو أكثر انتشاراً بين الأولاد منه بين البنات، بنسبة (2:3). كما يكثر بين الأطفال، الذين يوجد تاريخ موجب للاضطرابات الخاصة، بين أقاربهم.

 

          وسبب الاضطراب غير معروف. ولكن يُفترض أنه التلف المخي، أو نقص نضج الجهاز العصبي. ولا يوجد برهان يدعم هذه الافتراضات. كما يُفترض أنه العامل الجيني، بسبب انتشاره بين الأقارب.

 

          ويجب بدء العلاج اللغوي، فور تشخيص الاضطراب. ويكون في صورة تدريب وممارسة لأصوات الكلمات، وبناء جُمل، مع تعزيز الصواب، وإطفاء الخطأ في التعبير اللغوي. ودور العلاج النفسي، يقتصر على الاضطرابات الانفعالية المصاحبة. وقد يلزم تدخل علاجي أُسري، بهدف تقليل التوتر داخل الأسرة، وزيادة وعي الأُسرة وفهْمها لاضطراب الطفل .

 

          2. اضطراب الفهْم والتعبير اللغوي: وتميزه الإعاقة الملحوظة في نمو فهْم اللغة والتعبير، التي لا يمكن تفسيرها بوساطة التخلف العقلي، أو سوء العملية الدراسية. ولا يرجع ذلك إلى اضطراب تشوّه النمو أو إعاقة سمعية أو مرض عصبي. ويتفاوت قصور الفهْم والتعبير اللغوي طبقاً لشدة الاضطراب، وسن الطفل. ففي الحالات الخفيفة، قد يكون القصور في فهْم أنواع خاصة فقط من الكلمات (مثل المفاهيم الفراغية)، والتعبير عنها. أمّا الحالات الأكثر شدة، فقد توجد إعاقات متعددة، تشمل عدم القدرة على فهْم الكلمات الأساسية، أو الجُمل البسيطة، مع قصور في تمييز الأصوات، يصاحبه اضطراب نطق الكلام، واضطراب التعبير اللغوي، واضطراب المهارات الأكاديمية. وقد يصاحبه اضطراب التبول الوظيفي (البوال)، واضطراب التحكم الحركي، واضطراب نقص الانتباه و(أو) فرْط الحركة. وأحياناً، توجد شذوذات في تخطيط الدماغ الكهربائي، أو مشاكل سلوكية واجتماعية.

 

          ويظهر الاضطراب، عادة، قبْل سن الرابعة. فالأشكال الشديدة منه، تظهر عند السنتين. أمّا الأشكال الخفيفة، فربما لا تظهر حتى سن السابعة، أو بعد ذلك، عندما تصبح اللغة أكثر تعقيداً. ويتحسن غالبية هؤلاء الأطفال، ولكن المصابين بشدة، لا يتحسنون، خاصة من لديهم مشكلات سمعية، أو مشكلات في اختزان الأحداث في الذاكرة أو صعوبة في التكامل الحسي، وترتيب الأحداث.

 

          ويرواح معدل انتشار اضطراب فهْم اللغة بين (3%) و(10%) من الأطفال في سن المدرسة الابتدائية، وهو أكثر انتشـاراً بيـن الذكور منـه بين الإناث، بنسبـة (2:3). والسبب غير معروف. ولكن يُفترض أنه اضطراب في وظيفة الإدراك، ناشئ عن تلَف مخي أو نقص نضج الجهاز العصبي، أو عوامل جينية. ولكن لا توجد براهين على هذه الافتراضات. وتشير دراسات عديدة إلى احتمال وجود خلل  تمييز سمعي.

 

          ويتم علاج الأطفال، لغوياً، في مجموعات من الأطفال، لتعلّم تراكيب لغوية عديدة، في ظروف حياتيه عادية. مع علاجهم، نفسياً، في الحالات التي يعاني فيها الطفل اضطراباً انفعالياً أو سلوكياً، لتحسين صورته عن نفسه، ومهاراته الاجتماعية. كما يلزم لقاءات مع الوالدين، لتعليمهم طرائق ملائمة للتفاعل مع الطفل ومساعدته .

 

          3. اضطراب إخراج الكلام: ويتميز بالفشل في إخراج الكلام في صورة أصوات، عند السن الملائمة لذلك. وليس سبب ذلك اضطراب تشوّه النمو، أو التخلف العقلي، أو خللاً في آليات نطْق الكلام، أو خللاً عصبياً، أو ذكائياً، أو سمعياً. ويظهر الاضطراب في سوء النطق والإبدال أو الاختصار لأصوات الكلام، معطياً انطباعاً بكلام طفل. ولقد أطلق على هذا الاضطراب أسماء عديدة، منها: ( Dyslalia) و ( Lalling) و ( Lisping) الكلام الوظيفي، والأسلوبية الطفلية (Infantile perseveration)، ونطْق الطفل وتأخر الكلام.

 

          وأصوات الحروف، التي يضطرب نطْقها، عادة، هي تلك التي تكتسب، مؤخراً، في نمو الكلام (مثل: ر،ش،ث،ف،ز). ولكن في الحالات الأكثر شدة، أو الأصغر سناً، تضطرب حروف، (مثل: ب، م، ت، د، ن، هـ). ويوجد مدى واسع للاضطراب، فكلام الطفل قد يكون واضحاً كلياً، وقد يكون واضحاً جزئياً، وقد يكون غير واضح. ويصاحبه أعراض من اضطرابات النمو الخاصة، مثل اضطراب القراءة والتوافق الحركي، وقد يوجد التبول (Enuresis) (سلس البول). وهو تدفق البول لا إرادياً.

 

          ويتم اكتشاف اضطراب إخراج الكلام، في الحالات الشديدة، في سن الثالثة. أمّا في الحالات الأقل شدة، فربما لا يظهر حتى سن السادسة. ويتم الشفاء التلقائي في الحالات الخفيفة. ومع العلاج، يتم، كذلك، شفاء الحالات الشديدة.

 

          ولوحظ أن اضطراب إخراج الكلام واسع الانتشار، إذ يصل إلى (10%) في الأطفال قبل سن الثامنة، و(5%) في أطفال الثامنة وما بعدها، ويكثر انتشاره بين الذكور أكثر منه بين الإناث، بنسبة (1:3). كما أنه أكثر شيوعاً بين أقارب الدرجة الأولى منه بين عامة الناس.

 

          والسبب غير معروف. ولكن يعتقد أنه نقص في نضج العمليات العصبية المرتبطة بالكلام.  ونظراً إلى ازدياد انتشاره في الأُسَر كبيرة العدد، وذات المستوى، الاجتماعي والاقتصادي، المنخفض، فإن ذلك يوحي بنقص الإثارة الكلامية للطفل، وبتدعيم هذه الأُسَر للاضطراب، كعوامل مسببة، كذلك. كما أن كثرة انتشاره بين الأقارب، أوحت بوجود عوامل تكوينية جبْلية، علاوة على العوامل البيئية.

 

          ويُعَدّ العلاج الكلامي أنجح السبل العلاجية في اضطراب إخراج الكلام. ويتم عند بلوغ الطفل الثامنة من عمره، وعندما يسبب الاضطراب مشكلة للطفل بين رفاقه، أو في تعلّمه، أو في صورته عن نفسه .

 

          4. اضطراب التهتهة (اللجلجة): وهي إعاقة في تدفق الكلام، تتميز بكثرة تكرارات، أو استطالات الأصوات أو المقاطع  بينها لحظات من الصمت. ويتفاوت اضطراب التهتهة من موقف إلى آخر، إذ يشتد في مواقف التوتر والضغط، التي تتطلب تواصلاً، كما في حالة إجراء مقابلة لعمل ما. وتشير التقارير إلى أن التهتهة، حتى في حالاتها الشديدة جداً تختفي خلال القراءة الشفهية، أو الغناء، أو الكلام إلى الجمادات أو الحيوانات الأليفة.

 

          ويُصاحبها أعراض الخوف من توقع حدوثها، ومحاولات تجنّب التهتهة بوساطة آليات النطق (مثل تغيير معدل الكلام، وتجنّب مواقف كلامية معينة). أو بوساطة حركات، تصاحب الكلام (مثل غمز العين، والرعشة للشفتين أو الوجه، وهز الرأس وحركات التنفس). كما يصاحبها اضطرابات أخرى، مثل اضطراب إخراج الكلام، واضطراب التعبير اللغوي، واضطراب القلق.

 

          وتبدأ التهتهة خلال نمو وظيفة الكلام. وتشير الدراسات التتبعية إلى أن البداية بين الثانية والسابعة من العمر، مع زيادة حدوثها عند سـن الخامسة. وتكون البداية في (98%) من الحالات قبل سن العاشرة . وهي تدريجية بترديد المقاطع الأولية، أو كل الكلمة (عادة أول كلمة في الجملة)، ويكون الطفل غير واعٍ بها في البداية، ولدى وعيه بها، فإنه يبدأ في آليات التجنب، وتظهر الاستجابات، الحركية والانفعالية. ويصبح الاضطراب مزمناً، تتخلله فترات من الهوادة، تمتد إلى أسابيع أو شهور. ويتحسن تلقائياً بنسبة (50 ـ 80%) من الحالات (خاصة الحالات الخفيفة)، قبل بلوغ السادسة عشرة، والشفاء أكثر لدى الإناث.

 

ولوحظ أن هناك ثلاثة أنواع:

 

          1. النمـط النمــائي: ويحدث في مرحلة الانتقال إلى المخارج السهلة الميسرة للكلمات، وذلك بين الثانية والرابعة من العمر، إذ يتغير نمو الكلام، من الإطالة إلى التوقف والتكرار والتردد. ولكنها ظاهرة انتقالية فسيولوجية، وعلاجها هو إهمالها من جانب الوالدين.

 

          2. النمـط المتحســن: الذي يظهر بين الثالثة والحادية عشرة، ويزول العرض، تلقائياً، بعد ستة أشهر إلى ست سنوات.

 

          3. النمـط الثابــت: ويبدأ، عادة، بين الثالثة والثامنة من العمر، ويحتاج إلى علاج طويل.

 

وهناك عوامل  تنبئ بمآل حسن لمريض التهتهة، هي:

 

● زيادة الأحاديث اليومية.

● غياب الوقفات، وقِلة الإعادات والإطالات.

● سن الطفولة: لأنه قد يكون من النمط النمائي، الذي يتحسن تلقائياً.

● زيادة التوتر التي تزيد من فرصة العلاج.

● الاتجاه الإيجابي نحو المعالج.

● النظر إلى عيني من يكلمه.

 

          ومن الدارسين من يرون أن الشفاء التلقائي، لا يرتبط بعوامل مصاحبة (مثل العلاج والسن، عند بدء الاضطراب أو شدته).

 

           وتسبب التهتهة إعاقة اجتماعية للمصاب بها، إذ يتجنب مواقف اجتماعية كثيرة. وقد تضع له قيوداً في اختيار الوظيفة (مثل خريج كلية التربية، الذي يخشى الاشتغال بالتدريس ويتجنبه)، إضافة إلى القلق والإحباط ونقص اعتبار الذات.

 

          ويصل  معدل انتشار التهتهة إلى (5%) بين الأطفال، خاصة الصغار، إذ المعدل (10%) من أطفال المدارس الابتدائية، ولكنها في الكبار (1%) فقط ؛ ويزداد انتشارها بين الذكور أكثر منه بين الإناث، بنسبة (1:3). وتزداد التهتهة في أُسَر معيّنة، إذ لوحظ أن (50%) من أقارب الدرجة الأولى، مصابون بالاضطراب، كما أن مطابقة حدوثها بين التوائم المتماثلة أكثر منه بين التوائم غير المتماثلة.

 

          ونظراً إلى عدم معرفة أسباب محددة للتهتهة، فلقد وضعت نظريات لذلك، تورد العوامل التي يمكن أن تسبب التهتهة، وأهمها ما يلي:

 

          أ ـ    العوامل العضوية

 

1. عدم سيادة أحد جانبي قشرة المخ على نشاط الدماغ، إذ إن الصراع بين نصفي كرة المخ يهيئ لحدوث التهتهة.

 

2. إصابة الطفل بمرض طويل الأمد، خاصة أمراض الجهاز التنفسي .

 

3. محاولة الكلام خلال عملية الشهيق، وليس الزفير، كما يتكلم الشخص العادي.

 

4. الوراثة: نظراً إلى ازدياد نسبة التهتهة بين الأقارب، عُدّ العامل الوراثي أحد العوامل.

 

5. نقص الكالسيوم وفيتامين (د)، إذ عُدّت التهتهة، لدى بعض الباحثين، أحد أشكال التكزز الكامن (Latent Tetany)، الذي يتميز بإثارة شديدة للجهاز العصبي. إلا أن الأبحاث المعملية، كشفت أن نسبة الكالسيوم وفيتامين (د) هي في حدود طبيعية لدى المصابين بالتهتهة.

 

6. اضطراب السمع، الناشئ عن سوء توصيل الأصوات، لخلل في العضلات الدقيقة، التي تنظم حركات عظام الأذن الوسطى، مما يعطي تغذية سمعية مرتجعة، سيئة، تربك الشخص، وتزيد من التهتهة.

 
اضغط هنا للاشتراك بتطبيق كل يوم حكمة


          ب ـ العوامل النفسية: الكلام وظيفة ثانوية مركبة، تقوم بها تراكيب جسمانية، لها وظائف أخرى. هي الجهاز التنفسي بما فيه الحنجرة. وهو جهاز حساس جداً للإثارة الانفعالية، بسبب أنها تؤدي دوراً حيوياً في استجابة القتال أو الهرب  (Fight- Flight).فالمنعكسات التنفسية تحت القشرية وجذع الدماغ والمخيخ، تستثار خلال الإثارة الانفعالية. وعند مستوى معين من الإثارة، فإن أي متحدث سيجد نفسه غير قادر على السيطرة الإرادية الدقيقة، اللازمة لإخراج كلام طبيعي.

 

            ويكون الطفل عرضة لخطر حدوث التهتهة، في واحدة من فترات ضعف التحكم الدقيق، في التراكيب المشتركة في إخراج الكلام. وإلى حدّ ما، فإن كل الأطفال يمرون، في نموهم بهذه الفترة. وفي ظل الظروف الملائمة، ينجح الطفل في التحكم في الكلام. ولكن هذه السيطرة، قد تتشوه بسهولة، في حالة إثارة انفعالية، تغيّر من حالة أجهزة التنفس. وفي حالة سرعة معدل الكلام، إذ يتشوه الكلام، عندما يتكلم الطفل بسرعة، وتختفي التهتهة، عندما يتكلم ببطء.

 

          كما أفتُرض أن هناك عتبة لتشوّه السيطرة الحركية للكلام. ويمكِن أن يكون الأطفال في خطر لحدوث التهتهة، إما لأن لديهم عتبة منخفضة لاضطراب التحكم، أو لوجودهم في بيئة ذات عوامل مشوهة عديدة.

 

          وتكرار فشل الطفل في التحكم الكلامي، يمكن أن يخلق مصدراً خاصاً للانضغاط والإثارة الانفعالية، إذ إن إدراك فقْد السيطرة الإرادية، يمكن أن يكون خبرة مخيفة للطفل (أو البالغ)، تولّد خوفاً من فشل مستقبلي، يحدِث الصراع والتوتر كعارضين ثانويين، يولّدان الفشل.

 

          ويؤكد علماء التحليل النفسي، أن التهتهة، ما هي إلا عرض عصابي، تكمن وراءه رغبات مكبوتة عدوانية، إذ يعيش صاحبها نكوصاً إلى المرحلة الشرجية، وصراعاً بين الرغبة الشعورية في الكلام، وحاجة لا شعورية إلى عدم الكلام. فوظيفة الكلام تنطوي على دلالة عدوانية (أي أن الكلام فعل عدواني موجَّه ضد السامع)، وتكون التهتهة وقفاً لهذا العدوان. وما التهتهة إلا إخراج، يعقبه إيقاف وخوف من الكلام، ثم إخراج آخر، يعقبه خوف آخر من إخراج العدوان ... وهكذا. ولذا، فإنها أكثر حدوثاً أمام الكبار. وفي المواقف المرتبطة بالصراع، قد يكون الشخص طبيعياً مع أقرانه، ومن هم أقلّ منه. ولكنه يتهته أمام المدرس، والوالد، وفي مقابلة من أجل الحصول على عمل. وأرجع البعض النكوص، ليس إلى المرحلة الشرجية فقط، ولكن إلى المرحلة الفمية، إذ تكون النزعات العدوانية مرتبطة بالفم، من العض والقضم، لأنه هو المعبّر عن القلق، في هذه المرحلة.

 

          جـ ـ   العوامل الاجتماعية: يُعَدّ الكلام نشاطاً اجتماعياً. ولذا، فإن الطفل يعبّر عن موقفه الاجتماعي السيئ بالتهتهة، إذ إن عدم التشجيع المناغاة بل المبادرة إلى إحراج الطفل في المواقف الكلامية، وقهره وعدم السماح له بالتعبير عن نفسه كما يريد، واستعجاله وإيذائه، البدني والنفسي، وعدم شعوره بالأمان داخل الأُسرة أو المدرسة ـ كل هذه عوامل اجتماعية، تهيئ الطفل لحدوث التهتهة.                        

 

          نظراً إلى عدم معرفة السبب، فإن العلاج يتعامل مع التهتهة بطرق عديدة، ومن أهم الاتجاهات العلاجية ما يلي:

 

    1. العـلاج السـلوكي: الذي قدم فنيات عديدة لعلاج التهتهة. منها تعديل سلوك الكلام بالتحدث ببطء، أو الحديث الإيقاعي، أي الكلام مع حركة إيقاعية، تصاحب الكلام، مثل حركة اليد، مثلاً، أو الغناء وإطالة الحروف. أو طريقة مضغ الكلام، ولا سيما الكلمات، التي يتهيب نطقها. أو الكلام بطريقة هامسة. أو الممارسة السلبية، بجعله يمارس التهتهة بأقصى ما يمكنه من الشدة والدقة. أو يكرر الكلمات التي يتهته فيها بصوت مرتفع، إلى أن يصل إلى الانسياب. وهناك فنية سلب الحساسية التدريجي، التي تهدف إلى مواجَهة المشكلة بقليل من القلق المصاحب، فيواجهها المتهته تدريجياً، وفي حالة استرخاء. أو الكف الكلي للتهتهة، من طريق التحكم الخارجي، إذ إن العيوب المسؤولة عن التهتهة إدراكية، ولذا، استُخدم الإصمام لإعاقة السمع، وإجبار المتكلم على تحويل إدراكه إلى مصدر للصوت، مختلف عن كلامه، وذلك بأسلوب الترديد أو الاقتفاء (Shadowing)، فيقرأ المعالج، ويردد خلفه المريض، كظله. كما يمكن استخدام طريقة الوصل الصحيح، أي وصل الكلمات، مثل ضبط آخر الكلمة بالتشكيل، في اللغة العربية (بالفتحة أو الضمة أو الكسرة). ولذا، فإن قراءة القرآن قراءة صحيحة، يمكِن أن تعالج التهتهة.

 

    2. العـلاج  النفسي التحليلي: من منطلق أن التهتهة عرض عصابي. ولا بد من تبصير المريض بصراعاته، مع إعادة الثقة للمريض، وإزالة الحواجز بينه وبين الآخرين، أي مساعدة المريض على التوافق الداخلي بين مكونات نفسه، وبينه وبين العالم الخارجي.

 

    3. العلاج النفسي الجماعي:  وذلك باستغلال أثر الجماعة في علاج الفرد، إذ يتخلص من شعوره بالاختلاف، ويتخفف من عبء المعاناة، عندما يجد آخرين، لديهم مشكلته عينها، مع ما يتاح له من تفريغ انفعالي، وتكوين علاقات جديدة، والاستبصار، وبناء عادات جديدة.

 

    4. العلاج بالعقاقير: ومن أهم العقاقير، التي استُخدمت في علاج التهتهة، عقار الهالوبيريدول. وزعمت بعض الدراسات أنه أعطى بعض التحسن، ولكن مقارنته بسُبُل العلاج النفسي، والإرشاد الأُسري، أثبتت أنه دونها تأثيراً في علاج التهتهة.

 

    5. العلاج الجراحي: بقطع في قاعدة اللسان، أو قطع جزء من عضلات ظهر اللسان وإزالته. ولكن سرعان ما تعود التهتهة، بعد تحسن مؤقت .

 

image

الطماطم غذاء ودواء

  • معلومات مفيدة

معلومات طبيّه الصحة و العلاج الطماطم غذاء ودواء ...

1,237 قراءات
image

حقائق هامة حول المضادات الحيوية

  • معلومات مفيدة

معلومات طبيّه الصحة و العلاج أهم الأمور التي قد تسبب الضرر هو عدم إكمال وصفة العلاج من المضادات الحيوية ...

1,560 قراءات
image

تفسير مبسط لمن لا يعلم ما هي متلازمة آلام العضلات المزمنة (الفايبرومايالجيا)

  • معلومات مفيدة

معلومات طبيّه الصحة و العلاج استيعاب ماهية المتلازمة آلام العضلات المزمنة ...

1,569 قراءات
image

غازات المعدة والامعاء, اسبابها وسبل تجنبها؟

  • معلومات مفيدة

معلومات طبيّه الصحة و العلاج اسباب تساعد على ابتلاع كمية من الهواء الى المعدة ...

1,460 قراءات
image

ملح الطعام...ما له و ما عليه

  • معلومات مفيدة

معلومات طبيّه الصحة و العلاج فوائد الملح أين تكمن المشكلة ما الكمية المناسبة من الملح؟ ...

1,097 قراءات
المزيد ...
حكمة اليوم:

فيديوهات

مدوّنات الجانب الشخصي:

المزيد ...

مقالات و مدوّنات أخرى: