مقال: مفهوم الرعاية الصحية  في الاسلام (2) | التنمية البشرية في الإسلام

مقال: مفهوم الرعاية الصحية في الاسلام (2) | التنمية البشرية في الإسلام


قراءة منشورات في مدوّنة التنمية البشرية في الإسلام ، مفهوم الرعاية الصحية في الاسلام (2) : مفهوم للرعاية الصحية و الصحة العامة و الحفاظ سلامة المسلمين الاسلام العناية بالجسم بدنيا ..

مفهوم الرعاية الصحية في الاسلام (2):

 

 

الدعاء والشفاء
قال تعالى:
(الذي خَلَقَني فَهو يَهديني ● والذي هو يُطعمني ويَسْقيني ● وإذا مَرِضْتُ فَهوَ يَشفيني). (الشعراء/78 ـ 80)
(وَنُنَزّلُ مِن القُرآنِ ما هو شِفاءٌ وَرَحمَةٌ للمؤمنينَ ولا يَزيدُ الظالمين إلاّ خَسارا). (الاسراء/82)
(الذينَ آمَنوا وتَطْمَئنُّ قُلوبُهُم بِذِكْرِ اللهِ ألا بِذِكْرِ الله تَطمَئنُّ القُلوب). (الرعد/28)
(ادعوا رَبَكُمْ تَضرّعاً وخُفيةً إنّه لا يُحُبُّ المعتَدين) (الاعراف/55)
(وقالَ ربكُمُ ادْعوني أسْتَجِب لَكُم). (غافر/60)
(وإذا سألَكَ عِبادي عَنّي فإنّي قَريبٌ أُجيب دَعوةَ الداعِ إذا دَعاني فلْيَستَجيبوا لي وليؤمنوا بي لَعلّهُم يرشدون). (البقرة/186)
(وأيّوب إذ نادى ربّه أنّي مسني الضرُّ وأنتَ أرحمُ الراحمينَ ● فاسْتَجَبنا لَهُ فَكَشَفنا ما بِهِ مِنْ ضرٍّ وآتيناهُ أهلهُ ومِثلَهُم مَعَهُم رَحْمَةً مِنْ عِندنا وذِكرى للعابدين). (الانبياء/83 ـ 84)
المرض اسم لحالة اختلال نظامي الجسم أو النفس الطبيعيين واضطراب نشاطهما، ولكي يعود الجسم والنفس إلى حالة الصحة والوضع الطبيعي لهما، لابدّ من إزالة هذا الاختلال والاضطراب وعملية الاِزالة هذه نسمّيها بالعلاج.
وللعلاج الجسمي وسائل وأساليب علمية متعددة، فالمرض الجسمي يعالج عن طريق الغذاء والدواء الكيمياوي أو النباتي والتمارين الطبيعية واستخدام الاشعة أو الجراحة واستئصال العضو واستبداله أو استخراج ماهو ضار من الجسم...الخ.
وكما يعالج الجسم بهذه العلاجات المادّية، تعالج النفس أيضاً عندما تصاب بحالات مرضية، كالخوف والقلق والكآبة والهستريا والوسواس والانهيار وحالات التوتّر العصبي المختلفة...الخ.
وسبحان الذي أتقن صنع الانسان، فالجسم والنفس لهما قابلية استعادة الوضع الطبيعي وتغيير الحالة المرضية، فالجسم يملك القابلية لاصلاح نفسه ذاتياً بما يبدي من مقاومة طبيعية أو بمساعدة ما يتناول من غذاء أو دواء ومنشطات ووسائل مساعدة على إعادة النظام الطبيعي.
وكما يعمل الجسم لاستعادة الوضع الطبيعي (الحالة الصحية) بنشاطه الـذاتـي وبمساعـدة العـلاج، فانّ النفس قابلة للتغيير ، وتقبل أوضاع أخرى.
وإنّ من أهمّ وسائل العلاج النفسي هو عملية التحليل النفسي وكشف سبب العقدة والحالة النفسية، والعمل على التغلّب عليها.
وإنّ من أفضل وسائل التغلّب على الامراض النفسية، هي وسيلة الايحاء للمريض وتفهيمه الحالة المرضية بعد تبسيطها، وتحليل المركّب المرضي المعقّد، ورفع معنويته، وتقبّل المشكلة كحالة طبيعية، أو حالة قابلة للزوال بما يقدّم له من علاج مادّي أو نفسي.
وإنّ كلّ تلك الوسائل العلاجية، سواء معالجة الامراض النفسية أو الجسمية إنّما تعتمـد على مساعدة الجسم والنفس على استعادة الوضع الطبيعي.
وعندما يكون التوجّه إلى الله سبحانه خالصاً بالدعاء، وبعمل الخير، كالصدقة والنذر والاستغفار تتّجه الرحمة الالهية إليه، فيأذن الله للجسم والنفس أن يستعيدا وضعهما الطبيعي، فإرادته القاهرة والمهيمنة على الاشياء كلّها هي من أقوى الاسباب المتحكمة في هذا العالم الذي يسير وفق إرادته ومشيئته.
ويذكّرنا القرآن أنّ الشفاء بيد الله سبحانه، فالشفاء يأتي نتيجة لما خلق الله من علاقات تأثيرية بين الدواء والعلاج، سواء ما يتعلّق منه بالجانب النفسي أو الجسمي.
ويشكّل الايمان بالله والثقة به من أكبر المحفّزات على إصلاح النفس وشفائها من أمراضها لقدرته على إنقاذها من القلق والخوف والحزن والكآبة وحالات التوتّر النفسي المختلفة.
لذا أوضح الله سبحانه للانسان أنّ من آيات القرآن ما هو شفاء للقلوب وتنقية للنفس من حالات الخوف والقلق ومختلف حالات التوتّر التي تسبب الامراض النفسية، فقال تعالى:
(ونُنَزّل من القرآنِ ما هو شفاءٌ ورحمة). (الاسراء/82)
وقال: (ألا بِذِكرِ الله تَطمَئنُّ القُلوب). (الرعد/28)
وعندما تشفى النفس من أمراضها يشفى الجسم من معظم الامراض الجسمية.
وهكذا يكون الدعاء سبباً للشفاء:
أولا: لقدرته على تكوين حالة نفسية لدى المريض بما يوحي له من الثقة بالله والاعتماد عليه والرضا بقضائه وقدره، فينقذه هذا الايمان من القلق والكآبة والتوتّرات النفسية الاخرى، فتنعكس آثار الايمان العلاجية على الوضع الصحّي للجسم انعكاساً إيجابياً. وهكذا يساعد الايمان بالله النفس على استعادة وضعها الطبيعي فتؤثّر في وضع الجسم، وبذا يدخل الدعاء كعلاج علمي وسبب مؤثّر في نظام عمل الجسم تأثيراً طبيعياً.
ثانيا: إنّ الخلق والامر كلّه لله وهو القادر على فعل مايريد:
(بيده الملك وهو على كلّ شيء قدير).
فيأذن بالشفاء والنجاة من المرض، ويعيد الجسم إلى سيرته الطبيعية كما خلقه سليماً في تكوينه ونشاطه وفعّالياته.
وقد أخبرنا سبحانه أنّه يجيب دعوة الداعي إذا دعاه، وأنّ بيده الشفاء، وأنّه هو الذي شملت رحمته النبي أيوب (عليه السلام) بعد أن مسّه المرض وأعياه، فاستجاب لدعائه، فأعاد له الصحّة والسلامة.
وجاءت الروايات والاخبار عن الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله) أنّه كان يعوّذ الحسنين ـ الحسن والحسين(عليهما السلام) ـ بالمعوذتين ـ سورة الناس وسورة الفلق ـ.
كما كان يدعو للشفاء من المرض ويحثّ على الدعاء للمريض.
ونذر علي وفاطمة بنت الرسول (صلى الله عليه وآله) وفضّة (خادمة فاطمة) صيام ثلاثة أيّام لشفاء الحسن والحسين حين مرضا، فمنّ الله عليهما بالشفاء. وحدث أن تصدّقا بطعام الافطار ثلاثة أيّام فأنزل الله سبحانه سورة الدهر ثناء على علي وفاطمة وفضّة والحسن والحسين (عليهم السلام).
ولكي تتمّ الفائدة فلننقل بعضاً من أدعية الرسول للشفاء من المرض لتكون أدعية التوسّل والطلب من ربّ الفضل والرحمة وسبباً في الشفاء:
روى الكفعمي عن المتهجد: ان من طلب العافية من وجع به، فليقل في السجدة الثانية، من الركعتين الاوليين، من صلاة الليل:
(يا عليُّ يا عظيمُ، يا رحمانُ يا رحيمُ، يا سميعَ ـ سامعَ ـ الدعواتِ، يا مُعطي الخيراتِ، صلّ على محمّد وآلهِ، وأعطني مِن خير الدنيا والاخرةِ، ما أنتَ أهلُهُ، واصرِفْ عنّي مِنْ شرّ الدنيا والاخرةِ ما أنت أهلُهُ، وأذْهب عني هذا الوجَع (وليسم الوجع) فانّه قد غاظني وأحزنني) وليلح في الدعاء فانّ العافية تعجل له إن شاء الله:
عن الرضا (عليه السلام) للامراض كلّها:
(قل عليها: «يامُنزِلَ الشفاءِ، ومُذْهِبَ الداءِ صلّ على محمّد وآلهِ وأنْزِلْ على وَجَعي الشفاء).
وروى السيّد ابن طاووس (رحمه الله) في المهج، عن ابن عباس، قال: كنت جالساً عند عليّ (عليه السلام) فدخل عليه رجل متغيّر اللون، وقال: يا أمير المؤمنين، انّي رجل مسقام، كثير العلل والاوجاع، فعلمني دعاء استعين به على اسقامي، فقال (عليه السلام) : اعلّمك دعاء علّمه جبرئيل النبي (صلى الله عليه وآله) في مرض الحسنين(عليهما السلام)، وهو:
(إلهي كلّما أنعمتَ عليّ نِعمةً قَـلّ لكَ عندها شُكري وكُلما ابْتليتني ببليّة قَلّ لكَ عِندها صَبري، فيا مَن قَلّ شُكري عِندَ نِعَمِهِ فَلَم يَحرمني، ويا مَنْ قَلّ صبري عِندَ بلائِه فَلَم يَخذُلني، ويا مَن رَآني على المعاصي فلَم يَفضحني، ويا مَن رَآني على الخَطايـا فَلَم يُعاقبنـي عليها، صَلّ على مُحمّد وآلِ مُحمّد، واغْفِر لي ذَنبي، واشْفِني مِن مَرَضي، إنّكَ على كُلّ شيء قدير).
قال ابن عباس: فرأيت الرجل بعد سنة حسن اللون، مشرباً بحمرة، قال: مادعوت به وأنا سقيم الاّ شفيت، ولا مريض إلاّ برئت، وما دخلت على سلطان خفت جوره وقرأته إلاّ ردّه الله عنيّ.
وعن الصادق (عليه السلام) : من كانت به علّة فليقل عليها فى كلّ صباح (اربعين مرّة):
(بسم الله الرحمن الرحيم الحمدُ للهِ ربّ العالمين حَسبُنا اللهُ وَنِعمْ الوكيلُ تباركَ اللهُ أحسنُ الخالقينَ ولا حولَ ولا قوّةَ إلاّ باللهِ العليِّ العظيم. وعن الصادق (عليه السلام) ضع يدك على الوجع وقل ثلاثاً اللهُ اللهُ اللهُ ربيّ حقّاً لا أُشركُ بهِ شيئاً اللّهُمّ أنت لها ولكُلّ عظيمة ففرِّقها ـ ففرّجها - عني)، وعن الصادق(عليه السلام)للاوجاع كلّها:
(بسمِ الله وباللهِ كَمْ مِن نعمة للهِ فى عِرْق ساكن وغير ساكن على عبد شاكر وغير شاكر ـ وقل ثلاثاً ـ اللّهُمّ فَرِّج عني كُربَتي وعَجِّل عافيتي واكشِف ضُري).
وعنه (عليه السلام): أنّ علياً (عليه السلام) مرض فأتاه النبي(صلى الله عليه وآله) وقال: «قل:
(أللّهُم إنيّ أسألُكَ تَعجيلَ عافيتكَ وصبراً على بَليّتكَ وخروجاً مِنَ الدنيا إلى رحمتِكَ).
وعن خطّ الشهيد ـ رحمه الله ـ انّه يمسك بعضد المريض الايمن ويقرأ:
(أللّهُمّ أزلْ عنهُ العِللَ والداءَ وأعِدْهُ إلى الصحّةِ والشفاءِ وأمِدّهُ بُحسن الوقايةِ ورُدّهُ إلى حُسنِ العافيةِ واجْعَل ما نالَهُ في مرضِه هذا مادّةً لحياتِهِ وكفّارةً لسيّئاتهِ اللّهُمّ وصلّ على محمّد وآلِ مُحمّد).
وعن كتاب المجتنى من الدعاء المجتبى تقول في الدعاء للمريض:
(أللّهمّ إنّكَ قُلتَ في كِتابكَ المُنزَلِ على نبيّكَ المُرسلِ: وما أصابَكُم مِن مُصيبة فبِما كَسَبَت أيديكُم ويَعفو عن كثير اللّهمّ فصلِّ على مُحمد وآلِ محمّد واجْعَل هذا المرَضَ مِن الكثير الذي تَعفو عَنهُ وتُبرىّء مِنهُ، اسْكُن أيها الوَجَعُ وارْتَحِل الساعةَ عن هذا العَبدِ الضعيفِ سَكنْتُكَ ورَحّلْتُكَ بالذي سَكَنَ لهُ ما في الليلِ والنهارِ وهو السميعُ العليم).
وعن علي (عليه السلام) عوذة لكلّ ألم في الجسد فمن قالها لم يضره ألم وهي:
(أعوذُ بِعزّةِ الله وقُدرَتِهِ على الاشياء كُلّها أُعيذُ نفسي بجبارِ السماواتِ والارضِ وأُعيذُ نفسي بمن لايَضُرُّ مَعَ اسمِهِ شيءٌ مِن داء وأُعيذُ نفسي بالذي اسمُهُ بَركَةٌ وشِفاء).
قال رسول الله: إذا رأيتم أهل البلاء فاحمدوا الله ولاتُسمِعوهم فان ذلك يحزنهم. وعن الباقر (عليه السلام) إذا نظرت إلى المبتلى فقل ثلاث مرّات من غير أنْ تُسْمِعهُ: (الحمدُ للهِ الذي عافاني ممّا ابتلاهُ ولو شاءَ فَعل).
الدعاء عند المصيبة والصبر عليها، قال الله تعالى:
(وبَشِّر الصابِرينَ الذينَ إذا أصابَتهُم مُصيبةٌ قالوا إنّا للهِ وإنّا إليهِ راجِعونَ أُولئكَ عَليهِم صَلَواتٌ منِ رَبِهِم ورَحمةٌ وأولئِكَ هُمُ المُهْتَدون). وأن يأتي بتحميد الصادق (عليه السلام) وهو:
(الحمدُ للهِ الذي لَم يَجْعَل مُصيبَتي في ديني والحمدُ للهِ الذي لَوْ شاءَ أنْ تكونَ مُصيبتي أعظمَ مما كانَت والحمدُ للهِ على الامرِ الذي شاءَ أنْ يكونَ فكان).
دعاء لدفع الهمِّ والحزن:
(يامَن تُحَلُّ بهِ عُقدُ المكارهِ ويا مَن يُفثأ بهِ حَدُّ الشدائِدِ ويا مَن يُلتمسُ منهِ المخرجُ إلى رَوْحِ الفَرجِ ذلتْ لِقُدرتكَ الصعاب وتسبّبتْ بلُطفكَ الاسبابُ وجرى بقُدرتكَ القضاءُ ومَضَت على إرادتكَ الاشياءُ فهي بمشيئتكَ دونَ قولِكَ مؤتَمِرةٌ وبإرادتكَ دونَ نهيكَ مُنزَجِرةٌ أنتَ المدعو للمُهمّات وأنتَ المفزعُ في المُلمّاتِ لايَنْدَفعُ مِنها إلاّ ما دَفَعت ولا يَنْكَشِف مِنها إلاّ ماكشفتَ وقد نَزَلَ بي ياربّ ماقَد تكأدني ثقلُهُ وألمّ بي ما قَد بَهَظني حَمْلُهُ وبِقُدرِتكَ أوردتهُ عليّ وبسُلطانِكَ وجهتَهُ إليّ فلا مُصْدِرَ لما أوْردْتَ ولا صارِفَ لِما وجّهتَ ولا فاتحَ لِما أغْلقتَ ولا مُغلق لِما فتحتَ ولا مُيسِّر لِما عَسّرتَ ولا ناصِرَ لِمَن خذلتَ فصلِّ على مُحمّد وآله وافتَحْ لي ياربِّ بابَ الفَرَجِ بطولِكَ واكْسِر عنّي سُلطان الهمِّ بحولِكَ وأنِلْني حُسنَ النظَرِ فيما شَكوتُ وأذقني حلاوةَ الصُنعِ فيما سألت وهَب لي من لَدُنكَ رحمةً وفَرَجاً هنيئاً واجْعَل لي مِن عندكَ مخرجاً وحيّاً ولا تَشغلني بالاهتمامِ عَن تَعاهُدِ فروضِكَ واستعمالِ سُنّتكَ فَقَد ضِقْتُ لِما نَزَلَ بي ياربّ ذَرعاً وامتلاتُ بِحَمل ما حَدَثَ عليّ همّاً وأنت القادِرُ على كشفِ ما مُنيتُ بهِ ودَفْعِ ما وقَعْتُ فيهِ فافعَلْ بي ذلكَ وإنْ لَم أستوجبِهُ مِنكَ ياذا العرشِ العظيمِ وذا المنِّ الكريمِ فأنتَ قادِرٌ يا أرحم الراحمينَ آمينَ ربّ العالمين).
لدفع الغم:
(ياعِمادَ منَ لا عِمادَ لهُ ياذُخر مَن لاذُخرَ لهِ ياسَنَدَ من لا سَنَدَ لهُ ياحِرْزَ مَن لاحِرزَ لهُ ياحِرْزَ الضُعفاءِ ياعظيم الرجاءِ يامنقِذَ الغرْقى يامُنجيَ الهَلْكى يامُحسنُ يامُجمِلُ يامُنعِمُ يامُفضِلُ أنتَ الذي سَجَدَ لَكَ سَوادُ الليلِ ونورُ النهارِ وضوءُ القَمَر وشُعاعُ الشمسِ وحفيفُ الشَجَر ودَويُّ الماءِ يا اللهُ يا اللهُ لا إله إلاّ أنتَ «افعل بي كذا وكذاواطلب حاجتك).
دعاء آخر عن كنوز النجاح ايضاً علّمه النبي(صلى الله عليه وآله) فاطمة (عليها السلام) وهو:
(ياعالِمَ الغَيبِ والسرائرِ يا مُطاعُ ياعَزيزُ ياعَليمُ ياهازِمَ الاحزابِ لاحَمدَ يا كائِدَ فِرعونَ لموسى يامُنجي عيسى من أيْدي الظلَمَةِ يا مُخَلِّصَ نوح من الغَرقِ يافاعِلَ كُلّ خَير يا هادياً إلى كُلّ خَير يا دالاً على كُلّ خَير يا آمراً بِكُلّ خَير يا خالقَ الخَير يا أهلَ الخَير أنتَ الله لا إلهَ إلاّ أنتَ قَدْ رغِبتُ إليكَ فيما قَدْ عَلِمتَ فأجبني بِفضلِكَ يا اللهُ يا رحمان).

 

زيارة المريض
(يا أيّها الناس إنّا خلقناكُم مِنْ ذَكَر وأُنثى وجَعَلناكُم شُعوباً وقبائلَ لِتعارَفوا إنّ أكرمَكُم عِندَ الله اتقاكُم). (الحجرات/13)
إنّ دراسة الاجتماع الاسلامي أو تنظيم الاسلام للمجتمع الانساني تدلّنا على الاسس والروابط المتينة التي بنى الاسلام عليها العلاقات الاجتماعية والقيم الانسانية الرفيعة.
إنّ الاخلاق والقانون والتوجيه التعبّدي والمفاهيم العقيدية كلّها تصبّ في بناء الهيكل الاجتماعي وتنظيمه على أساس الحبّ والتعاون واحترام مشاعر الانسان، وتركيز مفهوم المشاركة الوجدانية والعاطفية، وتوظيف مشاعر الرحمة. واهتمام الاسلام بالانفتاح والتفاعل الاجتماعي، وحثّه على استمرار هذا السلوك يعكس لنا قيمة الحياة الاجتماعية وعنايته بالمجتمع وآدابه.
ولقد أثبتت التجارب التاريخية والحضارية أنّ الاسس والروابط المادّية وحدها لاتبني مجتمعاً متماسكاً، ولا تشيّد بنية إنسانية متينة.
ولعلّ دراسة وتحليل المجتمع المادّي المعاصر تكشف لنا عمق المأساة النفسية والاجتماعة، والجفاف الروحي، وغياب الروح الانساني من العلاقات والروابط وإحساس الانسان بالقلق والسأم والملل واللامعنى والغربة والوحشة.
ومن الواضح في دراسات علم النفس والاخلاق والمعايشة الحسّية أنّ إشباع الجانب النفسي والعاطفي إشباعاً سليماً لهو من أبرز حاجات الانسان وأكثرها تأثيراً في سعادته، بل السعادة في حقيقتها قضية نفسية، وإحساس داخلي يتمثّل بالشعور بالرضا والحبّ والطمأنينة.
والانسان يشعر بالحاجة الى عناية الاخرين وتعاطفهم معه في بعض مراحل حياته أكثر من مراحل ومواقف أخرى.
فهو في مرحلة الطفولة والشيخوخة والعجز والمرض والحوادث المؤلمة يحتاج إلى المواساة والاسناد العاطفي والاشعار بعناية الاخرين ورعايتهم له أكثر من حاجته إلى تلك المواقف والمشاعر في أوقات وظروف أخرى. وانّ افتقاد هذه المواقف من الاخرين يؤثّر تأثيراً سلبياً على شخصية الانسان فتنعكس على علاقته بنفسه وبمجتمعه.
وانّ أخطر المشاعر المرضية التي تفرز نتائج عدوانية عند الكثير من الناس هو شعور الانسان برفض الاخرين له وعدم احترام شخصيّته.
اضغط هنا للاشتراك بتطبيق كل يوم حكمة


فمثل هذه المواقف من الاخرين، ومثل هذه المشاعر من الانسان تصنع حالة مرضية تزيد في شقائه ومعاناته، لذا دعا الاسلام إلى المواساة والرحمة، وتفقّد الغائب، وحثّ على التزاور، وأكّد على زيارة المريض وصلة الرحم والجار واتّخاذ الاخوان والاصدقاء، ليدخل أفراد المجتمع في سلسلة من التفاعل العاطفي والوجداني الذي تفيض منه روح المواساة والعناية بالاخرى، ويزرع مشاعر الحبّ والاحترام للشخصية الامر الذي يساهم في بناء السلوك القويم، ويعالج حالات الزيغ والانحراف.
إنّ زيارة المريض تزرع في نفسه الاحساس بالحبّ للاخرين، وتخفف الالام عن نفسه وتشعره برعاية إخوانه وذويه وأصدقائه ومجتمعه له. وكثيراً مايبدأ المريض الذي يصاب بمرض مؤلم، أو طويل أو مرض يشعره بالخطر على حياته، كثيراً ما يبدأ بعد الشفاء سلوكاً جديداً وعلاقات إنسانية أكثر إيجابية وصواباً، لاسيّما إذا وجد من يعينه على العلاج والشفاء، وتخفيف الالام مادّياً ومعنوياً.
لذا نجد القرآن الكريم يؤكد على التعارف والتعاون والمواساة بين أفراد المجتمع.
وفي وصايا الرسول (صلى الله عليه وآله) والائمة الهداة، نقرأ توجيهات وإرشادات قيّمة في هذا المجال نذكر منها ما روي في عيادة المرضى والتعاطف معهم كقوله (صلى الله عليه وآله): (إذا زار المسلم أخاه في الله عزّوجلّ ـ أو عاده ـ قال الله عزّوجلّ: طبت وتبوّأت من الجنّة منزلاً)(47).
وروي عن الصادق (عليه السلام) قوله في هذا الاتّجاه:
(عودوا مرضاكم وسلوهم الدعاء)(48).
وروى البراء بن عازب قال:
(أمرنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) بسبع، ونهانا عن سبع. قال: فذكر ما أمرهم من عيادة المريض، واتّباع الجنائز، وتشميت العاطس، وردّ السلام، وإبرار المقسم، وإجابة الداعي، ونصر المظلوم. ونهانا عن آنية الفضّة، وعن خاتم الذهب، والاستبرق، والحرير، والديباج، والميثرة، والقسي)(49).
وروي عن الرسول (صلى الله عليه وآله) قوله:
(إنّ عائد المريض يخوض في الرحمة فإذا جلس غمرته)(50).
وروي عنه (صلى الله عليه وآله) أيضاً:
(مامن رجل يعود مريضاً فيجلس عنده إلاّ تغشّته الرحمة من كلّ جانب ما جلس عنده، فإذا خرج من عنده كتب له أجر صيام يوم)(51).
وكما تدعو الوصايا والتوجيهات الاسلامية إلى عيادة المريض تؤكّد أيضاً على تكريم المريض وحمل الهدية إليه، لاشعاره بالسرور وموقف زائريه الودّي منه.
من قراءتنا لمشهد من مواقف الامام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) نرى هذه الممارسة الاخلاقية والحثّ عليها.
عن مولى لجعفر بن محمد (عليه السلام) قال:
(مَرِضَ بعض مواليه فخرجنا إليه نعوده، ونحن عِدّة من موالي جعفر، فاستقبلنا جعفر في بعض الطريق، فقال لنا: (أين تريدون)؟ فقلنا: نريد فلاناً نعوده، فقال لنا: (قفوا)، فوقفنا، فقال: «مع أحدكم تفّاحة أو سفرجلة، أو أُترجّة، أو لَعقة من طيب، أو قطعة من عود بخور؟) فقلنا: ما معنا شيء من هذا، فقال: (أما تعلمون أن المريض يستريح إلى كلّ ما أدخل به عليه)(52).
إنّ قراءة هذا النصّ تكشف عن نمط الثقافة الاسلامية الذي يعتني بالجانب النفسي، وإدخال السرور على المريض، إضافة إلى ما تحمل من قيمة ومنفعة مادّية. فتراه يؤكد على إهداء الفاكهة ذات اللون والعطر الطيّب إلى المريض، كما يؤكّد على الطيب والبحور كتعبير عن سموّ الذوق الجمالي والاحساس النفسي الذي تتركه الهديّة في نفس المريض.
ومن الاهتمامات النفسية التي اعتنى بها الادب الاجتماعي الاسلامي هو إسماع المريض الكلمات الطيّبة، والدعاء له بالشفاء، وحثّه على الصبر، ممّا يشيع في نفسه عواطف المحبّة والاحساس باهتمام الاخرين به، فترتفع معنويّته لمقاومة المرض وإيجاد الامل والرجاء أو تقويتهما في نفسه.
إنّ الرسول (صلى الله عليه وآله) يوجّهنا إلى هذا التعامل مع المريض فيقول:
(إنّ من تمام عيادة أحدكم أخاه أن يضع يده عليه، فيسأله كيف أصبح وكيف أمسى)(53).
زار رسول الله (صلى الله عليه وآله) الصحابي الجليل سلمان (رضي الله عنه) فقال:
(يا سلمان شفى الله سقمك، وغفر ذنبك، وعافاك في دينك وجسدك إلى مدّة أجلك)(54).
والاسلام في كلّ قيمه وادابه وأصول علاقاته يتسم بسموّ الذوق، ومراعاة أرقى آداب اللياقة الاجتماعية، واحترام الجانب النفسي في الانسان لذا دعا إلى تخفيف زيارة المريض، وعدم إطالة الجلوس عنده، للحرص على راحته الجسمية والنفسية وسلامة الزائر الصحية. فانّ بعض الزوّار يؤذي المريض بطول الزيارة والجلوس وكثرة الكلام، لذا ورد في الارشاد النبوي الكريم:
(خير العيادة أخفّها)(55).
وورد عنه (صلى الله عليه وآله) أيضاً: (العيادة فواق ناقة)(56).
بل يشتدّ الحثّ على تخفيف الزيارة والرغبة في قصر المكوث عند المريض ما لم يحبّ البقاء عنده في قول الرسول (صلى الله عليه وآله):
(إنّ أعظم العيادة أجراً أخفّها)(57).
وفي قوله (صلى الله عليه وآله): (إنّ من أعظم العوّاد أجراً عند الله لمن إذا عاد أخاه خفّف الجلوس، إلاّ أن يكون المريض يحبّ ذلك ويريد، ويسأله ذلك)(58).
وهكذا تتكامل قواعد وأصول الادب الاجتماعي في زيارة المريض متفاعلة مع أبعاد الحالة النفسية والعقيدية ومعطية أفضل النتائج الاجتماعية بما تزرعه من حبّ وتعارف وإشعار بروح الاخوّة والمواساة.
(والحمد لله ربّ العالمين)

 

image

من اسرار النفس البشريه 2

  • التنمية البشرية في الإسلام

من اسرار النفس البشريه ...

1,521 قراءات
image

حتى تكون أبطأ غضبا وأسرع رضا..؛

  • التنمية البشرية في الإسلام

الهدوء التسامح مواجهة الغضب ...

1,377 قراءات
image

رسالة د. عبد الكريم بكار الأسبوعية: مقاومة الإحباط

  • التنمية البشرية في الإسلام

الاحباط يصم جمود تقهقر ...

1,871 قراءات
image

استراتيجيات النجاح المحمدية*

  • التنمية البشرية في الإسلام

النجاح الصبر الاراده ...

1,933 قراءات
image

الهـــــــدف !!؟

  • التنمية البشرية في الإسلام

الهدف النجاح المثابره الصبر ...

1,386 قراءات
المزيد ...
حكمة اليوم:

فيديوهات

مدوّنات التنمية الإيمانية:

مقالات و مدوّنات أخرى: