مقال: التربية الإجتماعية -6- حق الرفيق | تربية الأبناء في الإسلام

مقال: التربية الإجتماعية -6- حق الرفيق | تربية الأبناء في الإسلام


قراءة منشورات في مدوّنة تربية الأبناء في الإسلام ، التربية الإجتماعية -6- حق الرفيق : القواعد الذهبية في تربية الأبناء تربية سوية - تربية الأولاد من الواجبات المطلوبة من الأبوين، أمر الله تعالى بها في القرآن وأمر بها الرسول صلى الله عليه و سلم..

التربية الإجتماعية -6- حق الرفيق:

بسم الله الرحمن الرحيم

 الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
 أيَّها الأخوة الكرام، لا زلنا في تربية الأولاد الاجتماعَّية وقد تحدَّثنا في درسٍ سابق عن حقّ الوالدين، وعن حقّ الأرحام، وعن حقّ الجار، وعن حقّ المعلم، ننتقل الآن إلى حقّ الرفيق الذي هو جزءٌ من الآداب التي ينبغي أن نلقنها للأطفال.

أخطر شيء على الإطلاق في حياة ابنك صديقه:

 أيها الأخوة الكرام، مع الدرس التاسع عشر من دروس تربية الأولاد في الإسلام أولاً الأثر يقول:

(( الصاحب ساحب.))

 

[ورد في الأثر]

 لا تقل لي من أنا بل قل لي من تصاحب تعرفني من أنا.

 

عن المرءِ لا تسل وسل عن قرينه             فكلُّ قرينٍ بالمقارنِ يقتدي

● ● ●

 أخطر شيء على الإطلاق في حياة ابنك صديقه، بعض الدراسات الاجتماعية تؤكد أن الطفل يأخذ من صديقه ستين بالمئة مما يأخذ من محيطه، أي لا أمه ولا أبيه يأخذ منهما كما يأخذ من صديقه، لذلك الأب يجب أن يهتم اهتماماً لا حدود له بأصدقاء أولاده، يجب أن يتعرّف إليهم، أن يتعرف إلى بيوتهم أي يتعرّف إلى أهلهم، أن يمتحنهم، أن يتفرس فيهم، أما أن يسيب هذا الأمر، قد يكون رفيق سوء يهلك ابنك، يدله على مفسدة، على انحراف، على شذوذ، على اقتراف ذنوب، على سرقة، على انحراف أخلاقي، على جريمة.
 لا أنسى أخاً كريماً جاءني بأحد جيرانه، هذا الشاب شاب في مقتبل الحياة التزم الدروس هنا، لكن كان له علاقة مع رفقاء سوء، وكان هؤلاء الرفقاء عصابة سرقة، اقترفوا جرائم سرقة، ما فعل شيئاً ولا أخذ شيئاً إلا أنهم كلفوه أن يقف في مكان معين حتى يحمي ظهورهم، سرقوا بيتاً، وحينما ألقي القبض عليهم ذكروا اسم هذا الصديق، وواجهوا جميعاً محكمة ميدانية، والآن هم بالسجن، فقط لأنه وقف وحرسهم وهذه السنة الرابعة أو الخامسة له.
 شيءٌ خطير أقول لكم ولا أبالغ أخطر شيء بحياة ابنك صديقه، قد يدله على معصية، على شذوذ، على انحراف، على انحراف أخلاقي، على عدوان، على سرقة، على جريمة، وقد تدفع الثمن أنت. لذلك عدّ للألف قبل أن تسمح له أن يصادق فلاناً، وأنت لا تطمئن إلا إذا شعرت أنّ أصدقاء ابنك طيبون مستقيمون على ما تريد وإلا يجب أن تبذل جهدك لتبعده عنهم أو تبعدهم عنه.

الجليس الصالح كبائع المسك والجليس السوء كنافخ الكير:

 الشيء الإيجابي البديل أن تبحث لابنك عن أصدقاء في المستوى المطلوب، أي لا تنسَ ابنك، اجعله معك دائماً، وإذا صادق أبناء أخوانك فهذا جيد أيضاً، أخوك ربى ابنه وأنت ربيت ابنك إذاً اجعلهم يتصادقون، لأن الطفل يشعر بحاجة ماسّة إلى إنسان من عمره ولو جلس مع الكبار لا يستأنس بهم، لا بدّ من أن يجلس مع الصغار، لذلك هيئ له مجتمعاً يتناسب مع مداركه.
 إذا المؤمنون لم يتعاونوا على تأمين أجواء لطيفة و طيبة و طاهرة و عفيفة لأولادهم والله المشكلة كبيرة، والله أستمع كل أسبوع إلى قصص يندى لها الجبين أساسها والله رفقاء السوء. 
 أيها الأخوة استمعوا إلى توجيه النبي عليه الصلاة والسلام فيما يرويه البخاري و مسلم عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلّى الله عليه و سلَّم قال:

(( مَثَلُ الجليسِ الصالح والسوءِ، كحامِلْ المسك ونافخِ الكِير، فحاملُ المسك إمَّا أن يُحْذِيَك وإمَّا أن تبتاع منه، وإمَّا أن تجدَ منه ريحًا طيبة، ونافخُ الكير إمَّا أن يحرق ثيابك، وإمَّا أن تجد منه ريحًا خبيثة. ))

[البخاري ومسلم عن أبي موسى الأشعري]

  هكذا النبي علمنا، هذا الحديث صحيح، الجليس الصالح كبائع المسك والجليس السوء كنافخ الكير.
 لذلك قالوا: الوحدة خيرٌ من جليس السوء، بكل صراحة الانعزالية والتقوقع والبقاء بالبيت أفضل مليون مرة من الجليس سوء، لكن الجليس الصالح خيرٌ من الوحدة، الوحدة خيرٌ من الجليس السوء لكن الجليس الصالح خيرٌ من الوحدة، لك أخوان أطهار طيبون ورعون مستقيمون محبون مندفعون مؤاثرون وتعتزلهم !! هذا انحراف، لكن إن رأيت من حولك منحرفين، غير منضبطين، بذيئي اللسان، مزاحهم رخيص، والله اعتزلهم وأنت الموفّق. 

(( لا تصاحب إلا مؤمناً، ولا يأكل طعامك إلا تقيّ ))

[ رواه أبو داود وابن ماجة عن أبي سعيد الخدري ]

  الحقيقة النبي نهى بقوله: لا تصاحب إلا مؤمناً، لا يأكل طعامك إلا تقي.
 مرة صديق لي دعا مجموعة من الأصدقاء على طعام نفيس، وأحد هؤلاء الأصدقاء علماني ـ شبه ملحد ـ فقال للداعي الذي قدّم أطيب الطَّعَام: والله أنت يجب تأميمك، هكذا قال له، فقلت له أنا: يا فلان ألم ينهك النبيُّ عليه الصلاة والسلام أنَّ تدعو مثل هؤلاء، ولا تصاحب إلا مؤمناً، ولا يأكل طعامك إلا تقيَّ. 

عدم إقامة علاقات حميمة مع غير المؤمنين:

 إذا دخل بيتك مؤمن يفرح لك، إن أنت أكرمته يشكرك، ويدعو لك بالخير والبركة، وإن وجد عندك مقتنيات يفرح لك، المؤمن علامته أنَّه يفرح بما عند أخوانه، أمَّا غير المؤمن يحسد، ولله درُّ الحسَّد ما أعدَّله بدأ بصاحبه فقتله.
 لذلك قالوا: كثرة الظهور تقسم الظهور، لا تحاول أن تبرز ما عندك من إمكانيات وملكات وعطاءات ومقتنيات وإمكانات لغير المؤمنين، قارون:

﴿فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ(79)وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ(80)فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ (81) ﴾

( سورة القصص )

  هذا حديث يجب أن نأخذه دائماً، لا تصاحب إلا مؤمناً.
 أخواننا الكرام، علاقات حميمة، شراكة، نزهة، زيارات إلى البيت، هذه اسمها علاقات حميمة لا ينبغي إلا أن تكون مع المؤمنين، إنسان لا يصلي، إنسان منحرف الأخلاق، نزوره في بيته، تدخل زوجته لكي تصافحك، تجلب القهوة، هكذا هو نموذجه، تُحرَج وتتضايق ويعكر مزاجك، وقد تعصي الله عزَّ وجلَّ.
علاقات حميمة لا ينبغي أن تقيمها مع غير المؤمنين، أمّا علاقات العمل مباحة مع أي كان، حتى إذا كان أعلى منك في الدائرة، تأتي في الوقت المناسب وتقوم بواجبك وتحترمه ويحترمك.
علاقات العمل ليس فيها ما يخدش المروءة، لكن العلاقات الحميمة هي علاقات منهي عنها:

(( لا تصاحب إلا مؤمناً، ولا يأكل طعامك إلا تقيّ ))

 

[ رواه أبو داود وابن ماجة عن أبي سعيد الخدري ]

(( إياك وقرين السوء فإنك به تعرف ))

 

[ابن عساكر عن أنس]

 

من يصحب الأراذل مجروحة عدالته:

 

كلكم يعلم أيها الأخوة أن الإناء إمَّا أن يُكسَر وإمَّا أن يُشْعَر، والعدالة إمَّا أن تسقط وإمَّا أن تخدش:

(( من عامل النَّاس فلم يظلمهم، وحدثهم فلم يكذبهم، ووعدهم فلم يخلفهم، فهو ممن كملت مروءته وظهرت عدالته.))

 

[سلسلة الأحاديث الضعيفة]


الآن بالمقابل: من عامل النَّاس فظلمهم سقطت عدالته، من عامل النَّاس فأخلف وعده معهم سقطت عدالته، من عامل النَّاس فكذبهم سقطت عدالته، ما الذي يجرح العدالة ؟ إبريق من زجاج كسرته بالمطرقة أصبح محطماً إلى مئة قطعة، أحياناً الإبريق يخدش، أي يجرح أو يُشعَر، ما الذي يجرح العدالة ؟ صحبةُ الأراذل ومن يصحبهم لا تقبل شهادته، مجروحةٌ عدالته.
الأكل في الطريق، البول في الطريق، أن تمشي حافي القدمين، أن يكون حديثك عن النساء، صحبة الأراذل، تطفيفٌ بتمرة، أكل لقمة من حرام، من قاد برزوناً، من أطلق لفرسه العنان، أي السرعة الزائدة، تجرح العدالة، تربي كلباً عقوراً لتخويف النَّاس في الطريق، يجرح العدالة، التنزُّه في الطرقات يجرح العدالة لوجود نساء في الطريق كاسيات عاريات، ويتبع ذلك مقاهي الرصيف، أكثر الأماكن العامة والفنادق لها مقاهٍ على الرصيف، هذه المقاهي يقصد منها النظر للنساء الغاديات والرائحات، من علا صياحه في البيت، يوجد بيت ملائكي هادئ، ويوجد بيوت كل يوم عندهم مشاكل والجيران يعرفون كل مشاكلهم، أحياناً الأخ مع أخته، أو الزوج مع زوجته، يعرفون الأصوات، كلها تجرح العدالة.

(( إياك وقرين السوء فإنك به تعرف ))

 

[ابن عساكر عن أنس]


أنت قد تكون بريئاً، وقد تكون إنساناً راقياً، إذا شخص دعاك ولم يكن الداعي إنساناً مؤمناً راقياً لا ينبغي أن تستجيب الدعوة قد يكون هناك مطب، مشكلة، قد يكون اختلاط، غناء، أو قد يكون في هذه الدعوة أشياء لا ترضي الله عزَّ وجلَّ.

(( المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل ))

 

[أبو داود عن أبي هريرة]

 

التعرف على أصدقاء ولدك وانتقاءهم معه:

 

قلت لكم في البداية أن الطفل يتأثر ستين بالمئة من أصدقائه هذه حقيقة علمية جاء بها علماء النفس وعلماء الاجتماع، أما هنا جاء بها النبيّ: 

(( المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل ))

 

[أبو داود عن أبي هريرة]


على دين صديقه فلينظر أحدكم من يخالل، لذلك بعض الصوفيين قالوا: لا تصحب من لا ينهض بك إلى الله حاله، ويدلك على الله مقاله.
إذا كنت عاقلاً اصحب إنساناً أرقى منك قالاً وأرقى منك حالاً، أرقى منك قالاً تتعلم من علمه، وأرقى منك حالاً تتأثر بقلبه المفعم بحب الله، علامة الحال العالي أن تأنس به، أن تشعر بسعادة وأنت في قربه، أن تتمنى أن لا تقوم عنه، أي أنسك به دليل حاله العالي، لا تصاحب إلا من كان له حال ينهض بك ومن كان له قال يزيدك علماً.
الآن أقول لك أيها الأخ الكريم أو أيها الأب الكريم لا تستطيع أن تلغي من حياة أبناءك الأصدقاء لأنهم حاجة أساسية وحاجة اجتماعية، لكن تستطيع أن تنتقي له أصدقاء جيدين، أحيانا الطفل يُسَرُّ برحلة مع أصدقائه مليون ضعف عن أن يكون معك، أنت في سنّ الخمسين وهو في سنّ العشرين يريد أن يكون له صديق من عمره يتفاهم معه، يتكلمون في موضوعات مشتركة، أما معك يوجد مسافة كبيرة بينكما في السن. 
لذلك قال سيدّنا عليّ: ربّوا أبناءكم وأدبوهم فإنّهم خلقوا لزمنٍ غير زمنكم.
لا تطالب ابنك أن يكون بعقلك فأنت من جيل وهو من جيل آخر، لكن طالبه أن تكون أخلاقه عالية، طالبه أن يكون له أصدقاء ذوو أخلاق جيدة، أصدقاء مؤمنون، أصدقاء مستقيمون. 
إذاً موضوع درسنا اليوم أخطر شيء في حياة ابنك هو صديقه فيجب أن تتعرف إلى أصدقائه واحداً وَاحداً، تتعرف إلى آبائهم، تأخذ أرقام هواتفهم، تعرف أين هو ذاهب ؟ مع من يجلس ؟ مع من يسهر ؟ هل كان حاضراً ؟ 

حقوق الصديق على صديقه:

 

الآن ما هي حقوق الصديق على صديقه والرفيق على رفيقه والأخ على أخيه في الله ؟

1ـ إلقاء السلام:


السّلام إذا لقيه، عوِّد ابنك إذا دخل أن يقول السّلام عليكم، كلما التقى مع أخيه يسلم عليّه، كان الصحابة رضي الله عنّهم إذا كان الصحابيان يمشيان معاً ففرّقت بينهما شجّرة فإذا التقيا ثانيةً يقول له: السَّلام عليَّكم، أنت إذا دعيت لركوب سيارة مع أشخاص كنت معهم وجلس السائق وجلس شخص أمامك وأنت جلست خلفهم فقل لهم: السّلام عليكم، فعندما تدخل سيّارة فقل السلام عليكم، إذا دخلت إلى بيت فقل السلام عليكم، فالسّلام أولى آداب الطفل مع أصدقائه. 

((رجلاً سأل النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: أيُّ الإسلام خير ؟ قال: تطعم الطعام))

[رواه الشيخان عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما]

 قد يغفل الإنسان عن هذه النقطة، إطعام الطعام فيه مودة كبيرة، يؤلّف القلوب ويلينها، ويخلق مودة ومحبة وألفة، فالكريم لم يغلط، والله عزَّ وجلَّ كما ورد في الأثر:

(( الضيف يأتي برزقه ويرتحل بذنوب القوم. ))

[ابن السني عن أبي الدرداء]

 هل يوجد أرقى من ذلك ؟ الضيف يأتي برزقه ويرحل بذنوب القوم ؟ والكريم يعوّض الله عليه، ويطرح له برزقه البركة، إطعام الطعام يؤلف القلوب. 
 أحياناّ يأتي أخٌ مسّافر ـ لا يوجد أروع من ذلك ـ الأخوان يستضيفونه، هل يعقل أن يأتي أخ من منطقة بعيدة إلى الشام ويذهب ليأكل في المطعم ؟! إذا الإنسان أخذه إلى بيته وأطعمه دون أن يكلِّف نفسه هذا مما يزيد العلاقات الإيمانية متانةً، إطعام الطعام، فأنا أتمنى والله وأنا أقدّر وإن شاء الله أنا في هذا الموضوع أفعل كما أقول لك.
 إذا أخ قادم من حلب أو من اللاذقية أو من مكان بعيد إلى جامع ووجد أخوانه محبين دعوه وأكرموه، إطعام الطعام هذا من الأعمال الصالحة، لكن النّاس كرهوا إطعام الطعام لأنه أصبح فيه تكلفة.

((يا عائشة لا تكلفي للضيف فتمليه ولكن أطعميه مما تأكلين.))

[أبو عبد الله محمد بن باكويه الشيرازي والرافعي عن عياض بن أبي قرصافة عن أبيه]

 أنت تريد طعاماً يكسر العين، لا، هذا عمل غير إسلامي، الموجود مع ترميمات بسيطة، هذا هو الموجود، الضيف لا يريد خمسين صنفاً لكنه يريد وجهاً رحباً، يريد ترحيباً، يريد استقبالاً، يريد أن يشعر أنّه بين أهله، لذلك إطعام الطعام من الإسلام.
 تطعم الطعام وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف.
 يوجد هنا تعليق بسيط هل يعقل أن الإنسان وهو يمشي في سوّق الحميديّة أن يلقي السلام على كل من في الطريق، السلام عليكم، السّلام عليكم، وإن كان هناك ازدحام ؟ هذا غير معقول، لكن في حيّك، وفي الشارع، وفي البيت، وفي البناء، أحياناً تجد مستأجر في العطلة الصيفية وفي البناية التي تقطن أنت فيها قل له السلام عليكم، شخص يسكن في بيت أجرة بالصيفية قل له السلام عليكم، والمقصود أن تلقي السلام على كل إنسان في الطريق لكن ضمن حيّك أو ضمن بنايتك أو ضمن حارتك، أو أنت في الطريق دخل زبون إلى المحل لم يلقِ السلام فألق ِأنت عليه السلام، هو لم يسلم ودخلت أنت على محل تجاري وأنت تعرف صاحب المحل وكان يوجد ثلاثة رجال ألقِ أيضاً عليهم السّلام، هذا على من عرفت وعلى من لم تعرف.

(( لا تدخلوا الجنّة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا أولا أدلُّكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السّلام بينكم ))

[ رواه مسلمٌ عن أبي هريرة ]

 نحن الآن نستعمل كلمة مرحباً، ويوجد كلمات أخرى يقول لك: باي بَاي، ما هذا ؟! السلام عليكم، سلّم بسلام الإسلام، والله اسمه السلام، أنت حينما تُسَلِّم تلفظ اسّم الله عزَّ وجلَّ.

2ـ عيادة المريض:

 أول حقّ: إلقاء السلام، الحقّ الثاني: عيادته إذا مرض.

(( عودوا المريض، وأطعموا الجائع، وفُكّوا العاني، أي الأسير ))

[رواه البخاري عن أبي موسى الأشعري]

 عودوا المريض، عيادة المريض من حقوق أخيك عليك، أنا أقول لكم والله من عاد مريضاً فإنّما يخوضُ في الرحمة خوضاً، هكذا النبيّ قال والحديث القدسي:

(( يَا ابْنَ آدَمَ، مَرِضْتُ فَلَمْ تَعُدْنِي، قَالَ: يَا رَبِّ، كَيْفَ أَعُودُكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ ؟ قَالَ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ عَبْدِي فُلَاناً مَرِضَ فَلَمْ تَعُدْهُ، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ عُدْتَهُ لَوَجَدْتَنِي عِنْدَهُ ))

[ أخرجه مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ]

 لأن الله عزَّ وجلَّ لمّا سلب المؤمن بعض الصحة عوض له تجلّياً، عوض له سكينة، فأنت إذا زرت مريضاً مؤمناً شعرت بالأنس والقرب من الله، لأنّه هو قريب فقد قال تعالى: لوجدتني عنده.

(( عودوا المريض، وأطعموا الجائع، وفُكّوا العاني، أي الأسير ))

[رواه البخاري عن أبي موسى الأشعري]

(( حقّ المسلم على المسلم خمس، رد السلام، وعيادة المريض، واتباع الجنائز، وإجابة الدعوة، وتشميت العاطس ))

[ متفق عليه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ]

 المقصود من هذا الحديث عيادة المريض، لكن م‍ا الذي يحدث ؟ سوف أقول لكم ما الذي يحدث: يكون أخ من أخواننا الكرام في الأصل دوامه متقطّع، فإذا لم يحضر درسين أو ثلاثة، نتوهَّم نحن أنه مثل عادته في دوامه ولكنّه قد يكون مريضاً.
 حدثني بعض الأخوان وهو يتألّم أشدّ الألم وقال لي: أربعة وعشرين يوماً لم يزرني أحد، والله كأنه مطعون بطعنة خنجر، وهو في الأساس دوامه متقطّع، عندما غاب هذه الفترة ماذا ظنّ أخوانه ؟ مثل عادته، أمّا إذا كان الإنسان دوامه جيد في المسجد وغاب درساً أو درسين يلفت النظر، يوجد إنسان إذا غاب يفتقد، فالذي دوامه جيد والثابت على حضور مجالس العلم إذا غاب درساً واحداً أو درسين ـ حتى نكون واقعيّين ـ إن سألت عنه يجيبوا: لا لم نره. 
 اليوم افتقدت شخصاً فخبرته، قال لي: كنت حاضراً في خطبة الجمعة والموضوع كان كذا وكذا، لكن أنا كنت في القاعة وذهبت فوراً، لكن الحمد لله أحسن من لا شيء.
جميل من الإنسان أن يتفقد أخوانه، هكذا النبيّ علمنا النبيّ كان يتفقد أخوانه.
 روى الشّيخان هذا الحديث ذكرته قبل قليل:

(( حقّ المسلم على المسلم خمس، رد السلام، وعيادة المريض، واتباع الجنائز، وإجابة الدعوة، وتشميت العاطس ))

[ متفق عليه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ]

3ـ تشميت العاطس:

 الآن الحق الثالث: تشميته إذا عطس.

(( إذا عطس أحدكم فليقل الحمد لله ))

[ البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ]

 كلمة (صحة) التي يقولونها الآن غير واردة، صحة على قلبك، ما هذه الكلمة ؟! النبيّ قال له: قل الحمد لله، ويقول لك: يرحمك الله، وليقل له أخوه أو صاحبه: يرحمك الله، فإذا قال له: يرحمك الله فليقل: يهديكم الله ويصلح بالكم لأن الله تعالى قال:

﴿ سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ (5) ﴾

( سورة محمد )

 تجد أمهات يعلّمن أولادهنّ: صحة على قلبك، لا، نحن نريد كلاماً إسلامياً، الحمد لله، يرحمك الله، هداكم الله وأصلح بالكم، أو يهديكم الله ويصلح بالكم، أمّا أثناء الصلاة لا يوجد تشميت عاطس.
 بدوي صلّى مع النبيّ أول مرة، فعطس صحابيٌ فقال له: يرحمك الله، فالصحابة ضربوا على أرجلهم زجراً له فخاف، فلمّا انتهت الصلاة قال له النبيّ الكريم: يا أخي لا يكون في الصلاة، يقول البدوي: والله ما رأيت معلماً أرحم منه ولا أحكم منه، والله ما نهرني ولا شتمني. فهو قد خاف أن يضربه الصحابة بعد الصلاة.
 إذاً الواجبات ثلاثة، أولاً: السلام، وعيادته إذا مرض، وتشميته إذا عطس، أمّا إذا كان الشخص مصاباً بالرشح فمرة واحدة فقط.

4ـ الزيارة في الله:

 زيارته في الله:

(( من عاد مريضاً، أو زار أخاً في الله ناداه منادٍ بأن طبت وطاب ممشاك وتبوّأت من الجنّة منزلاً ))

[ابن ماجه والترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ]

 لم يخسر شيئاً إلا في سبيل الله، هذه الزيارة التي أشار لها النبيّ عليه الصلاة والسّلام ناداه منادٍ بأن طبت وطاب ممشاك، وتبوأت من الجنة منزلاً:

(( أنّ رجلاً زار أخاً له في الله في قريةٍ أخرى، فأرسل الله تعالى له على مدرجته، أي على الطريق، ملكاً فلمّا أتى عليه قال: أين تريد ؟ قال: أريد أخاً لي في هذه القرية. قال: هل لك من نعمةٍ هي عليك ؟ قال: لا، غير أني أحببته في الله تعالى. قال: فإني رسول الله إليك لأنّ الله قد أحبك كما أحببته فيه ))

[ مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ]

 يعني أنّ أجمل زيارة وأسعد زيارة أن تزور أخاً في الله لا تبتغي من هذا شيئاً إلا أن تصل هذا الإنسان المؤمن. 
 إن كان عندك وقت فراغ يوم الجمعة أحياناً بعد الصلاة ولك أخ مؤمن زرته على موعد، مكثت عنده ربع ساعة، آنسته، سألته عن صحته، عن أولاده، تذاكرتم في آيتين أو ثلاث آيات مع تفسيرهم، ورجعت، أو أي جلسة تجلسها مع أخوانك في أثناء الأسبوع تذاكر فيها دروس الجمعة والسبت والأحد والاثنين، شي من القرآن الكريم أو شي من الفقه مثلاً، هذه اللقاءات الأسبوعية بين الأخوان طيبةٌ وجيدة جداً وتثبت الدروس. 

5 ـ الإعانة وقت الشدة:

 من حقوق الأخ عليك وهذا ينبغي أن تعلّمه أولادك: إعانته وقت الشدّة.
 روى الشيخان عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: 

(( الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لَا يَظْلِمُهُ، وَلَا يُسْلِمُهُ ))

[ البخاري ومسلم عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا]

 معنى يسلمه يتركه لمصيبته، لا يكفي العباد إلا ربُّ العباد، الحقّ عليه هو الذي قصَّر، هذا غلط، إذا أخ وقع وجب علينا أن نعينه جميعاً، أحياناً تقف السيارة من هو السبب ؟ لا نريد السبب، نريد أن نجعلها تسير ثم بعد ذلك نبحث عن من هو السبب، لا توزّع تهماً ولا تشمت بالنّاس وتقول الحقّ عليك، أخوك وقع يجب أن تخلّصه، هذا واجب الأخوة الإسلامية، هذه مروءة. 

الإنسان حجمه عند الله بحجم عمله الصالح:

 لذلك النبيّ الكريم يقول:

(( الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لَا يَظْلِمُهُ، وَلَا يُسْلِمُهُ، وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِماً سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ))

[ البخاري ومسلم عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا]

 لذلك كل إنسان يفرج عن مسلم كربة يفرّج الله عنه كربة يوم القيامة، والله اليوم سمعت عن شخص غلط غلطة بالتجارة، ودخل بسببها السجن وقد طلب منه المحامي مئة وخمسين ألفاً وهذا مبلغ ضخم جداً، ولا يوجد معه سوى خمسين ألفاً، أخذهم منه المحامي ولم يستكمل المرافعة، وتركه لخصمه، قابلوه فقال لهم: ليس معي وكذلك أهلي، ولكن أحد أخواننا الكرام محامٍ ـ والله لا أنسى ذلك له ـ قال لي: أنا يا أستاذ أي خدمة تريدها مني فأنا جاهز لها، فأخبرته اليوم وقلت له: رجاءً احسم الموضوع لوجه الله، فوافق وأخذ العنوان، فشتّان بين هذا المحامي والمحامي الآخر، هذا يعمل لله والآخر أخذ خمسين ألفاً ويريد مئة أخرى ولم يكمل عمله، لم يعودوا يملكون شيئاً.
 مثل هذا الإنسان لا يوجد في قلبه رحمة، ولا خوف من الله، ولا فيه غيرة على أخوانه، فالإنسان حجمه عند الله بحجم عمله الصالح، فمن عنده اختصاص في المحاماة، اختصاص في الطب، أو مختصّ في اللغة الإنجليزيّة، فجزء من زكاة اختصاصه، يقدّم جزءاً من خبراته للفقراء للمؤمنين، للمصابين، للمنكوبين، يعني زكِّ عن اختصاصك، والله نحن والحمد لله أخواننا بالمسجد في كلّ الاختصاصات يقدّمون خدمات مجّانيّة للمؤمنين الفقراء. قدّم جزءاً من اختصاصك لوجه الله هذا زكاة اختصاصك 

زكاة اختصاصك تقديم جزء منه لوجه الله:

 

 قال لي طبيب ذات مرّة: أي أخ يحتاج إلى عمليّة فأنا حاضر فأرسلنا أول أخ، والثاني، والثالث وهو ممتن، هذا الطبيب الله سيوفقه، جزء من اختصاصه قدّمه للمؤمنين، أنا أتمنى من كلٍ واحد منكم أن يكون له مثل هذا العمل، وبحسب اختصاصك، قدّم جزءاً من اختصاصك لوجه الله، هذا زكاة اختصاصك، فالله عزَّ وجلَّ يحفظك به، ويكرمك، ويوفّقك.
 عدل ساعةٍ أحياناً يفضل أن تعبد الله ثمانين عاماً، مثلاً إنسان لا أحد له ومُلقى في السجن، وأولاده صغار ولا يملكون مالاً، خمسون ألفاً مبلغٌ جيدٌ وكبيرٌ !! لا، يريد مئة وخمسين وإن لم تكملوا لي المبلغ فلن أكمل المرافعة، فترك الدعوى، أما الثاني فقال: أنا أكملها بدون مقابل ولوجه الله، فالله كبير وغني وهو يحفظك ويمدّك برزقٍ من عنده، إعانته وقت الشدّة.

(( َمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِماً سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ))

[ البخاري ومسلم عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا]

6 ـ إجابة الدعوة إذا دعاه:

  الآن الحق السادس: إجابة دعوته إذا دعاه.
اضغط هنا للاشتراك بتطبيق كل يوم حكمة


(( حقُّ المسلم على المسلم خمس، ردُّ السلام، وعيادة المريض، واتباع الجنائز، وإجابة الدعوة، وتشميت العاطس ))

[ البخاري ومسلم عن أبي هريرة َ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ]

 وقال: 

(( من دعي فلم يجب فقد عصى الله ورسوله))

[أبو داود، والبيهقي عن ابن عمر]

 من دعاك وجب حقّه عليك، إذاً الحقوق هي: إلقاء السلام، عيادته إذا مرض، وتشميته إذا عطس، وزيارته في الله، وإعانته وقت الشدّة، وإجابة دعوته إذا دعاه.

7 ـ التهنئة في المناسبات والتعزية في المصائب:

 الآن: تهنئته بالشهور والأعياد مما اعتاده الناس، أي أن تهنّئه بالعيدين الفطر والأضحى، بقدوم رمضان، بنجاح ابنه أو بزواج ابنه، المناسبات والأعياد، يجب أن تهنّئ أخاك بها، من لقي أخاه عند الانصراف من الجمعة فليقل له:

(( تقبّل الله منا ومنك ))

[رواه الديلمي عن ابن عبّاس رضي الله عنهما]

 روى صاحب المقاصد عن خالد بن معد أنّه لقيه واثلة بن الأصقع في يوم عيد فقال له:

(( تقبّل الله منا ومنك. فقال له واثلة مثل ذلك ))

[رواه صاحب المقاصد عن خالد بن معد]

 جاء في الصحيحين أنّ طلحة قام لكعب بن مالك وهنّأه بتوبة الله عليه.

(( أتدرون ما حقُّ الجار ـ ويدخل في الجار الرفيق ـ إن استعان بك أعنته، وإن استقرضك أقرضته، وإن أصابه خيرٌ هنّأته، وإن أصابته مصيبةً عزّيته ))

[الجامع الصغير عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه مرفوعاً]

 نهنّئ، ونعزّي، ونجيب الدعوة، ونعين وقت الشدّة، ونزوره، ونشمِّته إذا عطس، ونعوده إذا مرض، ونلقي عليه السلام إذا لقيناه.

8 ـ تقديم الهدية:

 بقي شيء هو آخر واجب من واجبات الأخ تجاه أخيه:

(( تهادوا تحابوا ))

[البيهقي عن أبي هريرة]

 تهادوا: فعل أمر، ماضيها: تهادى بعضهم بعضاً، وصيغة فاعلَ تفيد المشاركة أي أنت قدّمت له هديّة وهو قدّم لك هديّة فأصبحتم متعادلين، أي لم تدفع ولم تخسر ولكن أصبحت المحبة بينكما.
 جاءه مولود فأهديته هديّة، جاءك مولود فردّها لك، سافر للحج قدمت له هديّة، سافرت أنت فرد لك الهدية فلم تخسر شيئاً ولكن صارت بينكم محبّة، فالهدية سلوك إسلامي راقٍ جداً:

(( تهادوا تحابوا ))

[البيهقي عن أبي هريرة]

قيمة الهدية وأهميتها:

 

 بالمناسبة أجمل الهدايا هدايا الزواج، عندما يتزوج الشاب أحياناً يكون بأَمسّ الحاجة إلى كلّ شيء، فإذا اجتمع عدد من الأخوة وتعاونوا واشتروا له برّاداً، وأخ أخذ له سجّادة، والثالث ثريا، وآخر أخذ له غازاً، وأحدهم أخذ له غرضاً من أغراض المطبخ، فلا هديّة أثمن من هدايا الزواج، عندما يستقر في البيت بعد سنة تزوّج أحد الأخوة فأصبح من الممكن أن تردّ له هديّته، والثاني تزوّج وهكذا، فالعمليّة كما يقول عامّة الناس دَيْن ووفاء، لكنّ الهديّة تذهب بوغر الصدر، وتمتّن المودّة والأخوّة في الله. 

(( يا نساء المؤمنين تهادَين ولو فِرسِنَ شاة، فرسن شاة، أي ظلف الشاة، أي مقادم، ولو فرسن شاة واحدة، فإنّه ينبت المودّة ويذهب بالضغائن ))

[رواه الطبراني في الأوسط عن عائشة رضي الله عنها]

(( عليكم بالهدايا فإنها تورث المودة وتذهب بالضغائن ))

[الديلمي عن أنسٍ مرفوعاً]

(( تصافحوا يذهب الغلُّ، وتهادوا تحابوا وتذهب الشحناء ))

[مالكٌ في الموطّأ عن عطاء الخرساني]

 ليس الأصل أن تكون الهدية غالية لكن الهدية رمز، أحياناً الإنسان يحضر معه باقة صغيرة من الزنبق لمريض يعوده ولكنها مودة، أو يحضر كيلو من الحلويات لأخته إذا زارها، أو كيلو فول، دائماً ادخل عليهم وبيدك شيء ولو كان قليلاً، فهذا الشيء يخلق المودة.
 إذا أردت أن يحدث ميلٌ قلبي واحتكاك ويذهب الضغن والحقد ولاسيّما الأقارب والأرحام والأصدقاء في مناسبات الزواج، أحياناً توجد حالة ولادة عند أحد من الناس ويكون بأمسّ الحاجة لأقل شيء، فمن الممكن أن تكون الهدية شيئاً من الأشياء التي يحتاجها في البيت، وهذا توجيه النبي اللهم صلِّ عليه. 

التعاون أمر إلهي:

 

 كلّما وجدت أخواننا يتهادون بعضهم مع بعض، ويتعاونون في زواجهم وفي عملهم، أو في فتح محل تجاري أو تأسيس شركة، عاونه بشيء، قدم له هدية، أقرضه شيئاً فهذا التعاون أمرٌ إلهي فقد قال تعالى:

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ وَلَا آَمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَاناً وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (2)﴾

( سورة المائدة )


 أخواننا الكرام كلمة تهادوا فيها مشاركة، بالنهاية لا توجد خسارة، فكل أخ أهدى أخاه بالمناسبات الأساسيّة والأخ الثاني رد له الهدية عندها لا توجد خسارة، بل بالعكس وجدت المودة وربحت أخاك، وما قدمته جاء مقابله. 

حقوق الصاحب بالجنب:

 

 الآن يوجد فرع بسيط في هذا الموضوع فهناك صاحب مؤقّت، ذهبت للحج فكان معك بالخيمة أخوان أو ثلاثة، في الغرفة ثلاثة أو أربعة، ذهبت لتنام على السرير وكان في المهجع ثلاثة أو أربعة مثلاً، سافرت لحلب فركب بجوارك شخصٌ، فكثير من هذه المناسبات الطارئة هذا الصاحب يدعى الصاحب بالجنب أي المؤقت، صحبة طريق، وقد يقدّم الصاحب لصاحبه بالجنب خدمات كبيرة، وقد تكون هدايته على يديك إذا كلّمته بكلمة طيّبة أو عاونته، لذلك هذا الرفيق ينبغي أن ينال منك كلّ عطفٍ وإحسان بالحج، بالعمرة، بالطائرة، بالقطار، بالسيارة العامة، بالجندية، بالوظيفة، ذهبت لمهمة، أو سافرت لسفر ما معك شخص آخر، فهذا الصاحب بالجنب له حقوق.
 أسند الطبري أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان معه رجل من أصحابه وهما على راحلتين فدخل عليه الصلاة والسلام غيضةً فقطع قضيبين، أحدهما معوج فخرج وأعطى لصاحبه القويم، الجيد، فقال الرجل: كنت يا رسول الله أحقّ بهذا، قال: كلا يا فلان إنّ كلّ صاحبٍ يصحب آخر فإنّه مسؤولٌ عن صحابته ولو ساعةً من نهار.
 وبيّن النبيّ كيف كان يؤاثر أصحابه وإخوانه بالشيء الجيد فهذه مؤاثرة، إنّ كلّ صاحبٍ يصحب آخر فإنّه مسؤولٌ عن صحابته ولو ساعةً من نهار.
 يوجد قول لطيف لربيعة بن أبي عبد الرحمن يقول: للسفر مروءة وللحضر مروءة، فأما مروءة السفر فبذل الزاد ـ أي إطعام الطعام ـ وقلّة الخلاف على الأصحاب، وكثرة المزاح في غير ما سخط الله عزَّ وجلَّ، وأما مروءة الحضر فالإكثار من دخول بيوت الله، وتلاوة القرآن، وكثرة الأخوان في الله عزَّ وجلَّ، كثرة المزاح في غير ما يسخط الله عزَّ وجلَّ، السفر يلزم له المرح، البعض في السفر يكون عبوساً قمطريراً، يضع نفسه في مكانة كبيرة والسفر سيران في الأساس، السفر يلزم له المرح وروح الدعابة في الإنسان، مزاح لطيف، مرح مثلاً، وقلّة الخلاف على الأصحاب: تقول لهم كما تريدون، تمشون نمشي معكم، تنامون ننام كذلك، كما ترتاحون، قلّة الخلاف.
 هذا الموضوع متعلّق بحق الأخ في الله، يجب عليك أن تعلّم ابنك هذه الحقوق، يسلّم، يبذل، يصافح، أحياناً يعود المريض، يهنّئ، يقدّم هدية بمناسبة، أو يعمل حفلات صغيرة للصغار، تأخذ ابنتك هدية لرفيقتها، هذه لها معنى كبير جداً، ولو علبة أقلام، مقلمة، دفتراً، كتاباً صغيراً، فالهدية لها أثر كبير، والمؤمن دائماً يعتمد على الهدية في تأليف القلوب، فكلما وجد نفوراً مع أقربائه، مع والدته، مع والده، أو مع أخيه، أو صديقه، تكلّم كلمة فغضب منه أخوه، الهدية تذهب بوغر الصدر، وتزيد في المودة.
 موضوع الدرس اليوم: الهدية، والتهنئة، إجابة الدعوة، الإعانة وقت الشدة، الزيارة الخالصة لله عزّ وجل، تشميته إذا عطس، عيادته إذا مرض، إلقاء السلام عليه، هذه آداب الأخوان في الله عزَّ وجلَّ هذه يجب أن تلقن للصغار، فكلما خالفها ننبهه، والحقيقة إذا كنا قد عرفناها نحن وقمنا بتطبيقها، فبذلك نعلمه إياها بالتقليد وبالقدوة.

والحمد لله رب العالمين

image

التربية الإجتماعية للأطفال -7- حق الكبيرالتربية

  • تربية الأبناء في الإسلام

القواعد الذهبية في تربية الأبناء تربية سوية - تربية الأولاد من الواجبات المطلوبة من الأبوين، أمر الله تعالى بها في القرآن وأمر بها الرسول صلى الله عليه و سلم ...

864 قراءات
image

غرس الآداب الإجتماعية عند الأطفالالتربية

  • تربية الأبناء في الإسلام

القواعد الذهبية في تربية الأبناء تربية سوية - تربية الأولاد من الواجبات المطلوبة من الأبوين، أمر الله تعالى بها في القرآن وأمر بها الرسول صلى الله عليه و سلم ...

927 قراءات
image

تربية الأطفال على حب الغير التربية

  • تربية الأبناء في الإسلام

القواعد الذهبية في تربية الأبناء تربية سوية - تربية الأولاد من الواجبات المطلوبة من الأبوين، أمر الله تعالى بها في القرآن وأمر بها الرسول صلى الله عليه و سلم ...

737 قراءات
image

تعليم الأطفال آداب المجلس التربية

  • تربية الأبناء في الإسلام

القواعد الذهبية في تربية الأبناء تربية سوية - تربية الأولاد من الواجبات المطلوبة من الأبوين، أمر الله تعالى بها في القرآن وأمر بها الرسول صلى الله عليه و سلم ...

650 قراءات
image

تربية الأطفال على أدب الحديث التربية

  • تربية الأبناء في الإسلام

القواعد الذهبية في تربية الأبناء تربية سوية - تربية الأولاد من الواجبات المطلوبة من الأبوين، أمر الله تعالى بها في القرآن وأمر بها الرسول صلى الله عليه و سلم ...

1,012 قراءات
المزيد ...
حكمة اليوم:

فيديوهات

مدوّنات التنمية الإيمانية:

مقالات و مدوّنات أخرى: