مقال: الهجرة النبوية  | التاريخ الإسلامي

مقال: الهجرة النبوية | التاريخ الإسلامي


قراءة منشورات في مدوّنة التاريخ الإسلامي ، الهجرة النبوية : الهجرة النبوية هي حدث تاريخي وذكرى ذات مكانة عند المسلمين، ويقصد بها هجرة النبي محمد Mohamed peace be upon him.svg وأصحابه من مكة إلى يثرب والتي سُميت بعد ذلك بالمدينة المنورة؛[1] بسبب ما كانوا يلاقونه من إيذاء من زعماء قريش، خاصة بعد وفاة أبي طالب،[2] وكانت في عام 1هـ، الموافق لـ 622م، وتم اتخاذ الهجرة النبوية بداية للتقويم الهجري، بأمر من الخليفة عمر بن الخطاب بعد استشارته بقية الصحابة في زمن خلافته،[3] واستمرت هجرة من يدخل في الإسلام إلى المدينة المنورة، حيث كانت الهجرة إلى المدينة واجبة على المسلمين، ونزلت الكثير من الآيات تحث المسلمين على الهجرة، حتى فتح مكة عام 8 هـ.[4]..

الهجرة النبوية :

الهجرة النبوية هي حدث تاريخي وذكرى ذات مكانة عند المسلمين، ويقصد بها هجرة النبي محمد Mohamed peace be upon him.svg وأصحابه من مكة إلى يثرب والتي سُميت بعد ذلك بالمدينة المنورة؛[1] بسبب ما كانوا يلاقونه من إيذاء من زعماء قريش، خاصة بعد وفاة أبي طالب،[2] وكانت في عام 1هـ، الموافق لـ 622م، وتم اتخاذ الهجرة النبوية بدايةللتقويم الهجري، بأمر من الخليفة عمر بن الخطاب بعد استشارته بقية الصحابة في زمن خلافته،[3] واستمرت هجرة من يدخل في الإسلام إلى المدينة المنورة، حيث كانت الهجرة إلى المدينة واجبة على المسلمين، ونزلت الكثير من الآيات تحث المسلمين على الهجرة، حتى فتح مكة عام 8 هـ.[4]

 

تمهيد[عدل]

الخروج إلى الطائف[عدل]


جبال مدينة الطائف.

بعدما اشتد الأذى من قريش على النبي محمد Mohamed peace be upon him.svg وأصحابه بعد موت أبي طالب، قرر النبي محمد الخروج إلى الطائف حيث تسكن قبيلة ثقيف يلتمس النصرة والمنعة بهم من قومه ورجاء أن يسلموا،[5] فخرج مشيًا على الأقدام،[6] ومعه زيد بن حارثة، وذلك في ثلاث ليال بَقَيْن من شوال سنة عشر من البعثة (3 ق هـ)،[7] الموافق أواخر مايو سنة 619م،[6] فأقام بالطائف عشرة أيام[8] لا يدع أحدًا من أشرافهم إلا جاءه وكلمه، فلم يجيبوه، وردّوا عليه ردًا شديدًا،[9] وأغروا به سفهاءهم فجعلوا يرمونه بالحجارة حتى أن رجليه كانتا تدميان وزيد بن حارثة يقيه بنفسه حتى جُرح في رأسه،[7] وانصرف النبي محمد وعاد إلى مكة.[10]

عرض النبي نفسه على قبائل العرب[عدل]

أخذ النبي يتبع الحجاج في منى، ويسأل عن القبائل قبيلة قبيلة، ويسأل عن منازلهم ويأتي إليهم في أسواق المواسم، وهي: عكاظ، ومجنة، وذو المجاز، فلم يجيبه أحد.[11] فعن جابر بن عبد الله قال:[12] «كان النبي Mohamed peace be upon him.svg يعرض نفسه على الناس في الموقف ويقول: ألا رجل يعرض عليّ قومه، فإن قريشًا قد منعوني أن أبلغ كلام ربي»، وذكر الواقدي أنه أتى بني عبس وبني سليم وغسان وبني محارب وبني نضر ومرة وعذرة والحضارمة، فيردون عليه أقبح الرد، ويقولون: «أسرتك وعشيرتك أعلم بك حيث لم يتبعوك».[11]

بيعة العقبة الأولى[عدل]


منطقة منى، والتي التقى عندها محمد بستة منالخزرج فكانت بداية لسلسلة لقاءات انتهت بالهجرةإلى المدينة المنورة.

وبينما كان النبي يعرض نفسه على القبائل عند "العقبة" في منى، لقي ستة أشخاص من الخزرج من يثرب، هم: أسعد بن زرارة، وعوف بن الحارث، ورافع بن مالك،وقُطبَة بن عامر بن حديدة، وعُقبة بن عامر بن نابي، وجابر بن عبد الله»،[13] فدعاهم إلى الإسلام، فقال بعضهم لبعض «يا قوم، تعلموا والله إنه للنبي توعدكم به يهود، فلا تسبقنّكم إليه». وقد كان اليهود يتوعدون الخزرج بقتلهم بنبي آخر الزمان. فأسلم أولئك النفر، ثم انصرفوا راجعين إلى بلادهم.[14] فلما قدموا المدينة ذكروا لقومهم خبر النبي محمد، ودعوهم إلى الإسلام، حتى فشا فيهم فلم يبق دار من دور الأنصار إلا وفيها ذكرٌ من النبي محمد.[13] حتى إذا كان العام المقبل، وافى الموسم منالأنصار اثنا عشر رجلًا، فلقوه بالعقبة في منى، فبايعوه، فكانت بيعة العقبة الأولى.[13]

إسلام الأنصار[عدل]

بعث النبي مصعب بن عمير مع من بايعوه من يثرب، يُقرئهم القرآن ويعلمهم الإسلام. فأقام في بيت أسعد بن زرارة يدعو الناس إلى الإسلام، ويصلي بهم. فأسلم على يديه سعد بن عبادة وأسيد بن حضير وهما يومئذٍ سيدا قومهما من بني عبد الأشهل، فأسلم جميع قومهما بإسلامهما، ثم أسلم سعد بن معاذ، وانتشر الإسلام في يثرب، حتى لم تبق دار من دور الأنصار إلا وفيها رجال ونساء مسلمون، إلا ما كان من دار بني أمية بن زيد، وخطمة، ووائل، وواقف.[14]

بيعة العقبة الثانية[عدل]


منظر عام للمدينة المنورة قديمًا.

رجع مصعب بن عمير إلى مكة، وخرج ثلاثة وسبعون رجلًا وامرأتان من الأنصار في موسم الحج،[15] وقالوا له «يا رسول الله نبايعك؟» فقال لهم:[16] «تبايعوني على السمع والطاعة في النشاط والكسل، والنفقة في العسر واليسر، على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن تقولوا في الله لا تخافوا في الله لومة لائم، وعلى أن تنصروني فتمنعوني إذا قدمت عليكم مما تمنعون منه أنفسكم وأزواجكم وأبناءكم، ولكم الجنة»، فبايعوه رجلًا رجلًا بدءًا من أسعد بن زرارة وهو أصغرهم سنًا.[17] فكانت بيعة العقبة الثانية وقد كانت في شهر ذي الحجة قبل الهجرة إلى المدينة بثلاثة أشهر،[18] الموافق (يونيو سنة 622م)، ثم قال لهم: «أخرجوا إليَّ منكم اثني عشر نقيبًا يكونون على قومهم بما فيهم»، فأخرجوا منهم اثني عشر نقيبًا، تسعة من الخزرج وثلاثة من الأوس، وقال للنقباء: «أنتم على قومكم بما فيهم كفلاء ككفالة الحواريين لعيسى بن مريم، وأنا كفيل على قومي».[15]

الإذن بالهجرة[عدل]

لما اشتد البلاء على المسلمين في مكة بعد بيعة العقبة الثانية، أذنَ مُحمد لأصحابه بالهجرة إلى المدينة المنورة، وأمرهم باللَحاقِ بِإخوانهم من الأنصار،[19] فعن عائشة أنها قالت:[20][21]

   

الهجرة النبوية
قال رسولُ اللهِ Mohamed peace be upon him.svg وهو يومئذٍ بمكةَ: «قد أُرِيتُ دار هجرتكم، رأيتُ سَبْخَةً ذاتِ نخلٍ بين لابتين» وهما الحَرَّتَانِ، فهاجرَ من هاجر قِبَلَ المدينةِ حين ذكر ذلك رسولُ اللهِ Mohamed peace be upon him.svg، ورجع إلى المدينةِ بعضُ من كان هاجرَ إلى أرضِ الحبشةِ، وتجهَّزَ أبو بكرٍ مهاجرًا ، فقال لهُ رسولُ اللهِ Mohamed peace be upon him.svg: «على رِسْلِكَ ، فإني أرجو أن يُؤْذَنَ لي» قال أبو بكرٍ: «هل ترجو ذلك بأبي أنت ؟» قال: «نعم» فحبسَ أبو بكرٍ نفسَهُ على رسولِ اللهِ Mohamed peace be upon him.svg ليَصْحَبَهُ ، وعلفَ راحلتينِ كانتا عندَهُ ورقَ السَّمُرِ أربعةَ أشهرٍ .

   

الهجرة النبوية

وذكر ابن إسحاق:[19] «أن رسول الله Mohamed peace be upon him.svg قال «إن الله قد جعل لكم إخوانًا ودارًا تأمنون بها» فخرجوا إليها أرسالًا».

هجرة الصحابة إلى المدينة[عدل]


خريطة توضح مسار الهجرات إلى المدينة المنورة وإلى الحبشة.

بعد الإذن بالهجرة بدأ الصحابة يخرجون إلى يثرب ويُخفون ذلك، فكان أول من قدِم إليها أبو سلمة بن عبد الأسد، ثم قدِم المسلمون أرسالًا فنزلوا على الأنصار في دورهم فآووهم ونصروهم، ولم يبقَ بمكة منهم إلا النبي محمد وأبو بكر وعلي بن أبي طالب، أو محبوس، أو ضعيف عن الخروج.[22] وأخذ المسلمون يغادرون مكةمتسللين منها خفية، فرادى وجماعات، خشية أن تعلم قريش بأمرهم فتمنعهم من ذلك، تاركين وراءهم كل ما يملكون من بيوت وأموال وتجارة، فرارًا بدينهم وعقيدتهم.[23]

هجرة آل أبي سلمة[عدل]

كان أول من هاجر إلى المدينة أبو سلمة بن عبد الأسد،[24] وكانت هجرته إليها قبل بيعة العقبة الثانية بسنة لأن قريشًا آذته بعد مرجعه من الحبشة فعزم على الرجوع إليها، ثم بلغه إسلام بعض أهل يثرب فعزم على الهجرة إليها، فلما أجمع أبو سلمة الخروج إلى المدينة، قام رجال من بني المغيرة (قوم أم سلمة) بمنع زوجته أم سلمةمن الهجرة معه، ومنع بنو عبد الأسد (قوم أبي سلمة) ابنه من الهجرة معه،[25] تقول أم سلمة: «فكنت أخرج كل غداة فأجلس في الأبطح فما أزال أبكي حتى أمسي حتى مرَّ بي رجل من بني عمي أحد بني المغيرة فرأى ما بي فرحمني، فقال لبني المغيرة: ألا تخرجون من هذه المسكينة؟ فرقتم بينها وبين زوجها وبين ولدها، فقالوا لي: الحقي بزوجك إن شئت.»، فأخدت ولدها وارتحلت إلى يثرب، حتى لقيت عثمان بن طلحة بالتنعيم فأوصلها إلى يثرب.[19]
ثم توالت هجرة الصحابة بعد أبي سلمة، فهاجر عامر بن ربيعة وامرأته ليلى بنت أبي حثمة،[11] ثم عبد الله بن جحش، وأخوه أبو أحمد بن جحش، ونزلوا بقباء علىمبشر بن عبد المنذر.[19]


عمر بن الخطاب أول من هاجر علانيةً

هجرة عمر بن الخطاب[عدل]

رُوي أن عمر بن الخطاب لما هاجر، لم يهاجر متخفيًا،[11] بل تقلد سيفه ووضع قوسه على كتفه وحمل أسهمًا، وذهب إلى الكعبة حيث طاف سبع مرات، ثم توجه إلى مقام إبراهيم فصلى، ثم قال لحلقات قريش المجتمعة: «شاهت الوجوه، لا يُرغم الله إلا هذه المعاطس، من أراد أن تثكله أمه وييتم ولده أو يُرمل زوجته فليلقني وراء هذا الوادي».[26] فلم يتبعه أحد منهم،[27][28] ثم مضى إلىيثرب ومعه ما يقارب العشرين شخصًا من أهله وقومه، منهم أخوه زيد بن الخطاب، وعمرو بن سراقة وأخوه عبد الله، وخنيس بن حذافة، وابن عمه سعيد بن زيد، ونزلوا عند وصولهم في قباء عند رفاعة بن عبد المنذر، وكان قد سبقه مصعب بن عمير وابن أم مكتوم وبلال بن رباح وسعد بن أبي وقاص وعمار بن ياسر.[19]

هجرة صهيب بن سنان الرومي[عدل]

ذكر ابن هشام:[19] أن صُهيبًا حين أراد الهجرة قالت له قريش: «أتيتنا صعلوكًا حقيرًا فكثر مالك عندنا وبلغت الذي بلغت، ثم تريد أن تخرج بمالك ونفسك، والله لا يكون ذلك.»، فقال لهم صهيب: «أرأيتم إن جعلت لكم مالي أتخلون سبيلي؟» قالوا: «نعم» قال: «فإني قد جعلت لكم مالي» فبلغ ذلك رسول الله فقال: «ربح صهيب، ربحصهيب».[29]

أحداث الهجرة النبوية[عدل]

ظل محمدٌ بمكة ينتظر أن يُؤذَن له في الهجرة ولم يتخلف معه بمكة، إلا علي بن أبي طالب وأبو بكر، وكان أبو بكر الصديق يستأذنه بالخروج إلى المدينة المنورة، ولكن كان يقول له: «لا تعجل لعل الله يجعل لك صاحبًا»، فأراد أبو بكر أن يكون النبي صاحبه.[30]


تخطيط اسم علي بن أبي طالب، وهو من بات في فراش النبي محمد ليلة الهجرة

ليلة هجرة النبي[عدل]

لما رأت قريش خروج المسلمين، خافوا خروج النبي محمد، فاجتمعوا في دار الندوة، واتفقوا أن يأخذوا من كل قبيلة من قريش شابًا فيقتلون محمدًا فيتفرّق دمه بينَ القبائل.[22] فأخبر جبريل محمدًا بالخبر وأمره أن لا ينام في مضجعه تلك الليلة، فأمر محمد عليًا أن يبيت في فراشه بدلا منه ويتغطى ببرده الأخضر ليظن الناس أن محمدا نائم في فراشه. واجتمع أولئك النفر عِند بابه، لكنه خرج من بين أيديهم لم يره منهم أحد، وهو يحثوا على رؤوسهم التراب تاليًا: Ra bracket.png وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ Aya-9.png La bracket.pngسورة يس:9،[30][31] فلما أصبحوا ساروا إلى علي يحسبونه النبي، فلما رأوا عليًا، فقالوا: «أين صاحبك؟»، قال: «لا أدري»، فنزلت الآية : Ra bracket.png وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ Aya-30.png La bracket.png،[19][32] وقيل أن هذه الليلة كانت يومالسبت وهو غير ثابت.[33]
وكان محمدٌ قد أمر عليًا أن يؤدي الأمانات إلى أهلها ففعل، حيث كان أهل قريش يضعون أماناتهم عند محمد. وكانوا في مكة يعلمون أن عليًا يتبع محمدًا أينما ذهب، لذا فإن بقاءه في مكة بمثابة تمويه لجعل الناس يشكون في هجرة النبي لاعتقادهم بأنه لو هاجر لأخذ عليًا معه، وبقي علي في مكة ثلاثة أيام حتى وصلته رسالة محمد عبر رسوله أبي واقد الليثي يأمره فيها بالهجرة للمدينة.[34]

غار ثور[عدل]


غار ثور الذي اختبأ به محمد وأبو بكر في رحلة الهجرة، ماكثين فيه ثلاث ليال.


تخطيط لاسم أبي بكر الصديق رفيق النبي محمد في هجرته إلى المدينة المنورة.

جاء النبي إلى أبي بكر، وكان أبو بكر قد جهز راحلتين للسفر، فأعطاها النبي محمد لعبد الله بن أرَيْقِط، على أن يوافيهما في غار ثور بعد ثلاث ليالٍ، ويكون دليلًا لهما، فخرجا ليلة 27 صفر سنة 14 من البعثة النبوية، الموافق 12 سبتمبرسنة 622م، وحمل أبو بكر ماله كلّه ومعه خمسة آلاف درهم أو ستة آلاف،[35] فخرجا من خوخة لأبي بكر في ظهر بيته، ثم عمدا إلى غار ثور، وهو كهف في جبل بأسفل مكة فدخلاه. وأمر أبو بكر ابنه عبد الله أن يتسمع لهما ما يقول الناس فيهما نهاره، ثم يأتيهما إذا أمسى بما يكون في ذلك اليوم من الخبر، وأمر مولاه عامر بن فهيرة أن يرعى غنمهنهاره، ثم يأتيهما إذا أمسى في الغار، فكان عبد الله بن أبي بكر يكون في قريش نهاره معهم، يسمع ما يأتمرون به وما يقولون في شأن النبي محمد وأبي بكر، ثم يأتيهما إذا أمسى فيخبرهما الخبر. وكان عامر بن فهيرة يرعى في رعيان أهل مكة، فإذا أمسى أراح عليهما غنم أبي بكر فاحتلبا وذبحا، فإذا غدا عبد الله بن أبي بكر من عندهما إلى مكة اتبععامر بن فهيرة أثره بالغنم يعفي عليه.[19]

وكانت أسماء بنت أبي بكر تأتيهما من الطعام إذا أمست بما يصلحهما، قالت أسماء: «ولما خرج رسول الله Mohamed peace be upon him.svg وأبو بكرأتانا نفر من قريش فيهم أبو جهل بن هشام، فوقفوا على باب أبي بكر، فخرجتُ إليهم فقالوا: «أين أبوك يا ابنة أبي بكر؟»، قلت: «لا أدري والله أين أبي»، فرفع أبو جهل يده وكان فاحشًا خبيثًا، فلطم خدي لطمة طرح منها قرطي ثم انصرفوا».[19] وقالت أسماء بنت أبي بكر: «لما خرج رسول الله Mohamed peace be upon him.svg وخرج أبو بكر معه، احتمل أبو بكر ماله كله معه: خمسة آلاف درهم أو ستة آلاف درهم، فانطلق بها معه، فدخل علينا جدي أبو قحافة وقد ذهب بصره، فقال: «والله إني لأراه قد فجعكم بماله مع نفسه»، قلت: «كلا يا أبت، إنه قد ترك لنا خيرًا كثيرًا»، قالت: وأخذتُ أحجارًا فوضعتها في كوة في البيت الذي كان أبي يضع ماله فيها، ثم وضعت عليها ثوبًا، ثم أخذت بيده فقلت: «يا أبت ضع يدك على هذا المال»، قالت: فوضع يده عليه فقال: «لا بأس، إذا كان قد ترك لكم هذا فقد أحسن، وفي هذا بلاغ لكم»، قالت: ولا والله ما ترك لنا شيئًا ولكن أردت أن أسكن الشيخ بذلك».[19]

ولما وصلا إلى الغار قال أبو بكر للنبي: «والذي بعثك بالحق لا تدخل حتى أدخله قبلك، فإن كان فيه شيء نزل بي قبلك»، فدخل وجعل يلتمس بيده كلما رأى جحرًا قال بثوبه فشقه، ثم ألقمه الجحر حتى فعل ذلك بجميع ثوبه، فبقي جحر، وكان فيه حية فوضع عقبه عليه، فلسعته وصارت دموعه تنحدر.[11]

مطاردة قريش للنبي[عدل]

ذكر ابن هشام أن النبي وأبا بكر لما دخلا إلى غار ثور ضربت العنكبوت على بابه بعش،[36] فخرجت قريش في طلبه حتى وصلوا باب الغار، فقال بعضهم: «إن عليه العنكبوت قبل ميلاد محمد» فانصرفوا. وقصة العنكبوت والحمامتين قد ضعفها بعض المحدثين وحسنها بعضهم،[37] والذي ثَبت في صحيح مسلم قول أبي بكر الصديق:[38] «نظرتُ إلى أقدامِ المشركين على رؤوسِنا ونحن في الغارِ، فقلتُ : يا رسولَ اللهِ ! لو أنَّ أحدَهم نظر إلى قدمَيه أبصَرَنا تحت قدمَيه، فقال: «يا أبا بكرٍ ! ما ظنُّك باثنَين اللهُ ثالثُهما»»

قال الله تعالى: Ra bracket.png إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ Aya-40.png La bracket.png[39]
— التوبة: 40


ومكث محمد وأبو بكر في الغار ثلاث ليال يبيت عندهما عبد الله بن أبي بكر، حتى خرجا من الغار في يوم الاثنين 1 ربيع الأول 1 هـ، وقيل 4 ربيع الأول.[22]

موقف سراقة بن مالك[عدل]

خرج النبي محمد وصاحبه من الغار متجهان إلى يثرب، وكانت قريش قد جعلت جائزة 100 ناقة لمن يردّ محمدًا عليهم.[36] وبينما هما في الطريق، إذ عرض لهما سراقة بن مالك وهو على فرس له، فدعا عليه محمد فساخت قوائم فرسه، فقال: «يا محمد أدع الله أن يطلق فرسي وأرجع عنك وأرد من ورائي»، ففعل فأطلق ورجع فوجد الناس يلتمسون محمدا فقال: «ارجعوا فقد استبرأت لكم ما ههنا» فرجعوا عنه.[36] ويروي سراقة قصة لحاقه بالنبي فيقول:[40]

   

الهجرة النبوية
جاءنا رُسُل كفار قريش يجعلون في رسول الله Mohamed peace be upon him.svg، وأبي بكر، دية كل منها لمن قتله أو أسره، فبينما أنا جالس في مجلس من مجالس قومي بني مدلج، إذ أقبل رجل منهم حتى قام علينا ونحن جلوس، فقال: يا سراقة إني رأيت آنفا أَسْوِدة. بالساحل أُراها محمدًا وأصحابه، قال سراقة: فعرفت أنهم هم: فقلت له: إنهم ليسوا بهم، ولكنك رأيت فلانًا وفلانًا انطلقوا بأعيننا، ثم لبثت في المجلس ساعة، ثم قمت فدخلت فأمرت جاريتي أن تخرج بفرسي، وهى من وراء أكمة فتحبسها علي، وأخذت رمحي فخرجت به من ظهر البيت فخططت بزجه الأرض وخفضت عالية حتى أتيت فرسي فركبتها فرفعتها تقرب بي حتى دنوت منهم فعثرت بي فرسي فخررت عنها، فقمت فأهويت يدي إلى كنانتي فاستخرجت منها الأزلام فاستقسمت بها، أضرهم أم لا، فخرج الذي أكره، فركبت فرسي، وعصيت الأزلام؛ تُقَرّب بي، حتى إذا سمعت قراءة رسول الله Mohamed peace be upon him.svg وهو لا يلتفت، وأبو بكر يكثر الالتفات، ساخت يدا فرسي في الأرض، حتى بلغتا الركبتين، فخررت عنها، ثم زجرتها فنهضتْ فلم تكد تخرج يديها، فلما استوت قائمة إذا لأثر يديها عثان ساطع في السماء مثل الدخان، فاستقسمت بالأزلام فخرج الذي أكره، فناديتهم بالأمان فوقفوا فركبت فرسي حتى جئتهم ووقع في نفسي حين لقيت ما لقيت من الحبس عنهم، أن سيظهر أمر رسول الله Mohamed peace be upon him.svg فقلت له: إن قومك قد جعلوا فيك الدية، وأخبرتهم أخبار ما يريد الناس بهم، وعرضت عليهم الزاد والمتاع فلم يرزآني. ولم يسألاني، إلا أن قال: أخف عنا، فسألته أن يكتب لي في كتاب آمن، فأمر عامر بن فهيرة فكتب في رقعة من أديم ثم مضى رسول الله Mohamed peace be upon him.svg.

   

الهجرة النبوية

ولما رجع سراقة صار يردّ عنهم الطلب، لا يلقى أحدًا إلا ردّه، يقول لهم: «سيرت - أي اختبرت - الطريق فلم أرد أحدًا».[41]

موقف أم معبد[عدل]

مر النبي محمد وأبو بكر وعامر بن فهيرة، ودليلهما عبد الله بن أريقط في الطريق بخيمة أم معبد واسمها "عاتكةُ"، فسألاها شراء شيئًا يأكلانه، فقالت: «واللهِ ما عندنا طعامٌ ولا لنا منحةٌ ولا لنا شاةٌ إلا حائلٌ»، قال ابن إسحاق: «فدعا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ببعضِ غنمِها فمسح ضرْعَها بيدِه ودعا اللهَ وحلبَ في العسِّ حتى أرغى وقال اشربي يا أم معبدٍ فقالت اشرب فأنتَ أحقُّ بهِ فردَّه عليها فشربت ثم دعا بحائلٍ أخرى ففعل مثلَ ذلك بها فشربَه ثم دعا بحائلٍ أخرى ففعل بها مثلَ ذلك فسقى دليلَه ثم دعا بحائلٍ أخرى ففعل بها مثلَ ذلك فسقى عامرًا ثم تروَّحَ».[19][41][42]
ثم جاءت سرية قريش إلى أم معبد فسألوها عن رسول الله، فأنكرت رؤيته؛ فقالت: «إنكم تسألوني عن أمر ما سمعت به قبل عامي هذا»، ثم قالت:«لئن لم تنصرفوا عني لأصرخنّ في قومي عليكم» وكانت في عز من قومها، فانصرفوا.[41]
ولما جاء زوجُها حكت له القصة فقال لها:[43] «صِفيه لي يا أمَّ مَعبدٍ»، فقالت :«رأيتُ رجلاً ظاهرَ الوَضاءةِ، حُلوَ المَنطقِ فصلٌ لا نزْرٌ ولا هذْرٌ، كأنَّ منطقَه خَرَزاتُ نظمٍ يتحدَّرْنَ».

الوصول إلى المدينة[عدل]

«لما كان اليوم الذي دخل فيه رسول الله Mohamed peace be upon him.svg
المدينة أضاء منها كل شيء، فلما كان
اليوم الذي مات فيه أظلم منها كل شيء»[44]
— أنس بن مالك


من داخل مسجد قباء، أول مسجد أسس بعد بعثة النبي محمد، قال فيه «من توضأ وأسبغ الوضوء ثم جاء مسجد قباء فصلى فيه كان له أجر عمرة».[45]

وصل محمد قباء يوم الاثنين 8 ربيع الأول، أو 12 ربيع الأول،[31] فنزل على كلثوم بن الهدم، وجاءه المسلمون يسلمون عليه، ونزل أبو بكر على خبيب بن إساف.[36]وأقام علي بن أبي طالب بمكة ثلاث ليال وأيامها حتى أدّى الودائع التي كانت عند محمد للناس، حتى إذا فرغ منها لحق بمحمد فنزل معه على كلثوم بن هدم.[36] وبقي محمد وأصحابه في قباء عند بني عمرو بن عوف 4 أيام، وقد أسس مسجد قباء لهم، ثم انتقل إلى المدينة المنورة فدخلها يوم الجمعة 12 ربيع الأول،[46][47] سنة 1 هـ الموافق27 سبتمبر سنة 622م،[31] وعمره يومئذٍ 53 سنة. ومن ذلك اليوم سُميت بمدينة الرسول Mohamed peace be upon him.svg، بعدما كانت تُسمى يثرب.

الاستقبال[عدل]

كان الأنصار يخرجون كل يوم إلى الحرة ينتظرون النبي، فإذا اشتد حر الشمس رجعوا إلى منازلهم، فلما كان يوم 12 ربيع الأول خرجوا على عادتهم فلما حمي الشمس رجعوا، فصعد رجل من اليهود على أطم من آطام المدينة، فرأى النبي محمد وأصحابه فقال: «يا بني قيلة! هذا صاحبكم قد جاء هذا جدكم الذي تنتظرونه» فثار الأنصار إلى السلاح ليستقبلوا النبي.[48]


صورة للمسجد النبوي في أواخر العهد العثماني عام 1908.
اضغط هنا للاشتراك بتطبيق كل يوم حكمة


فعن عروة بن الزبير قال:[19][49] «أن رسول الله Mohamed peace be upon him.svg لقي الزبير في ركب من المسلمين كانوا تجارًا قافلين من الشام (إلى مكة)، فكسى الزبيرُ رسول الله Mohamed peace be upon him.svg وأبا بكر ثياب بياض، وسمع المسلمون بالمدينة بمخرج رسول الله Mohamed peace be upon him.svg من مكة، فكانوا يغدون كل غداة إلى الحرة فينتظرونه حتى يردهم حرُّ الظهيرة، فانقلبوا يوماً بعدما أطالوا انتظارهم، فلما أووا إلى بيوتهم أوفى رجل من اليهود على أطم من آطامهم لأمر ينظر إليه، فبصر برسول الله Mohamed peace be upon him.svg وأصحابه مبيضين يزول بهم السراب، فلم يملك اليهودي أن قال بأعلى صوته: «يا معشر العرب، هذا جدكم الذي تنتظرون»، فثار المسلمون إلى السلاح، فتلقوا رسول الله Mohamed peace be upon him.svg بظهر الحرة، فعدل بهم ذات اليمين حتى نزل بهم في بني عمرو بن عوف، وذلك يوم الاثنين من شهر ربيع الأول، فقام أبو بكر للناس وجلس رسول الله Mohamed peace be upon him.svg صامتاً، فطفق من جاء من الأنصار ممن لم ير رسول الله Mohamed peace be upon him.svg يحيي أبا بكر، حتى أصابت الشمسُ رسول الله Mohamed peace be upon him.svg، فأقبل أبو بكر حتى ظلل عليه بردائه، فعرف الناسُ رسولَ الله Mohamed peace be upon him.svg عند ذلك، فلبث رسول الله Mohamed peace be upon him.svg في بني عمرو بن عوف بضع عشرة ليلة، وأسس المسجد الذي أسس على التقوى، وصلى فيه رسول الله Mohamed peace be upon him.svg، ثم ركب راحلته وسار يمشي معه الناسُ حتى بركت عند مسجد رسول الله Mohamed peace be upon him.svg بالمدينة، وهو يصلي فيه يومئذ رجال من المسلمين، وكان مربداً للتمر لسهيل وسهل غلامين يتيمين في حجر أسعد بن زرارة، فقال رسول الله Mohamed peace be upon him.svg حين بركت به راحلته: «هذا إن شاء الله المنزل»، ثم عاد رسول الله Mohamed peace be upon him.svg الغلامين فساومهما بالمربد ليتخذه مسجداً، فقالا: «بل نهبه لك يا رسول الله»، فأبى رسول الله Mohamed peace be upon him.svg أن يقبله منهما هبة حتى ابتاعه منهما، ثم بناه مسجداً، فطفق رسول الله Mohamed peace be upon him.svg ينقل معهم اللبن في بنيانه، وهو يقول حين ينقل اللبن:

   
هذا الحمال لا حمال خيبر   هذا أبر ربنا وأطهر

ويقول:

   
اللهم إن الأجرَ أجرُ الآخِرهْ   فارحَمِ الأنصارَ والمهاجرهْ

فتمثل بشعر رجل من المسلمين لم يُسَمَّ لي.»

المدينة المنورة

المدينة المنورة

المدينة المنورة

مدينة يثرب التي سُميت بالمدينة المنورة بعد قدوم النبي محمد إليها

جدول خط سير زمني للهجرة[عدل]

التاريخ خط سير الهجرة
ليلة الجمعة 27 صفر 1 هـ
(13 سبتمبر 622م)[35][50]
غادر مكة ومكث ثلاثة أيام في غار ثور بالقرب من مكة.
الاثنين 1 ربيع الأول 1 هـ
(16 سبتمبر 622م)[50]
غادر جبل ثور متجها إلى منطقة يثرب.
الاثنين 8 ربيع الأول 1 هـ[31]
(23 سبتمبر 622م)[50]
وصل إلى قباء بالقرب من المدينة المنورة، ومكث فيها عدة أيام.
الجمعة أو الاثنين[46] 12 ربيع الأول 1 هـ
(27 سبتمبر 622م)[50]
وصل إلى المدينة المنورة.

استمرار هجرة المسلمين إلى المدينة[عدل]

استمرت هجرة المسلمين إلى المدينة المنورة حتى فتح مكة سنة 8 هـ، وظلت الهجرة إلى المدينة واجبة على المسلمين، ونزلت الكثير من الآيات تحث المسلمين على الهجرة إلى المدينة حتى فتح مكة، فلما فتحت مكةأصبحت دار إسلام،[4] فقال النبي محمد:[51] « لا هجرةَ بعدَ الفتحِ، ولكن جهادٌ ونِيَّةٌ، وإذا استُنفِرْتُم فانفِروا»، فذكر بعض العلماء أن الهجرة نٌسخت بعد فتح مكة، وأن ما بقى من مفهوم الهجرة هو الهجرة المعنوية بمعني هجرة ما حرم الله هي ما بقي من مفهوم الهجرة،[52] وقيل: أن حكمها لم ينسخ، وهو باقِ،[52] وأن ما نُسخ هو الهجرة إلى المدينة المنورة، ولكن الهجرة من دار الحرب إلى دار الإسلام باقية،[53] وهو قول النووي،[54]وابن حجر العسقلاني،[55] وابن كثير،[56] وغيرهم.

عودة مهاجري الحبشة[عدل]

«ما أدري بأيهما أنا أفرح بفتح خيبر أم بقدوم جعفر»
النبي محمد[57]

عاد من تبقى من مهاجري الحبشة مع جعفر بن أبي طالب إلى المدينة؛ بعدما كتب النبي محمد إلى النجاشي أن يزوجه أم حبيبة بنت أبي سفيان وكان زوجها عبيد الله بن جحش قد مات في الحبشة.[48] وكتب إليه أيضًا أن يبعث إليه من بقي من أصحابه، فزوجه النجاشي أم حبيبة وأصدقها عنه أربعمائة دينار وحمل بقية أصحابه في سفينتين فوصلوا المدينة بعد غزوة خيبر عام 7 هـ.[48]

آخر من هاجر إلى المدينة[عدل]

كان آخر من هاجر من مكة المكرمة هو العباس بن عبدالمطلب، فقد هاجر بأهله في رمضان في السنة الثامنة من الهجرة، وفي الطريق لقي النبي مع جيشه يريد فتح مكة بعد نقض قريش لصلح الحديبية، فواصل أهله الهجرة ورجع هو مع النبي.[58]

الهجرة وبداية التأريخ الهجري[عدل]


التاريخ الهجري في متحف مدينة قونية التركية

كان النبي محمد قد أمر بالتأريخ بعد قدومه إلى يثرب، وقد حدث هذا التأريخ منذ العام الأول للهجرة، كان النبي يُرسل الكتب إلى الملوك والأمراء ورؤساء القبائل المختلفة بتاريخ الهجرة.[59]
وفي سنة 17 هـ اعتمد الخليفة عمر بن الخطاب التأريخ بداية من غرة شهر محرم من العام الأول للهجرة النبوية، ومما ذُكر في سبب اعتماد عمر للتاريخ أن أبا موسىكتب إلى عمر أنه يأتينا منك كتب ليس لها تاريخ، فجمع عمر الناس، فقال بعضهم: «أرخ بالمبعث»، وبعضهم: «أرخ بالهجرة»، فقال عمر: «الهجرة فرقت بين الحق والباطل»، فأرخوا بها، فلما اتفقوا قال بعضهم: «ابدءوا برمضان»، فقال عمر: «بل بالمحرم فإنه منصرف الناس من حجهم»، فاتفقوا عليه.[60] وفي رواية أخرى أن أحدهم رفع صكًا لعمر محله شهر شعبان، فقال: «أي شعبان، الماضي أو الذي نحن فيه، أو الآتي؟ ضعوا للناس شيئًا يعرفون فيه حلول ديونهم»، فيُقال إنه أراد بعضهم أن يؤرخوا كما تؤرخ الفرس بملوكهم، كلما هلك ملك أرخوا من تاريخ ولاية الذي بعده، فكرهوا ذلك، ومنهم من قال: «أرخوا بتاريخ الروم من زمان الإسكندر»، فكرهوا ذلك، وقال قائلون: «أرخوا من مولد رسول الله Mohamed peace be upon him.svg»، وقال آخرون: «من مبعثه عليه السلام»، وأشار علي بن أبي طالب وآخرون أن يؤرخ من هجرته من مكة إلى المدينة لظهوره لكل أحد فإنه أظهر من المولد والمبعث. فاستحسن ذلك عمر والصحابة، فأمر عمر أن يؤرخ من هجرة الرسول وأرخوا من أول تلك السنة منمحرمها.[60]

 

حكمة اليوم:

فيديوهات

أشهر الفيديوهات:

مدوّنات التنمية الإيمانية:

مقالات و مدوّنات أخرى: